تلقيت دعوة لحضور مناسبة سعيدة، جمعتني فيها مع احد زملاء المهنة وهو الدكتور بكر ناصر والذي كان يعمل استشاري جراحة بالمستشفى التي كنت اعمل فيها لمدة عشرين عاما وذلك قبل ان اطلب نقل عملي الى مكان اخر وذلك بعد ادائي لصلاة الاستخارة بجوار بيت الله. دار بيني وبينه حديث شيق وممتع في الشأن الصحي، وخاصة في الفترة التي كنا نعمل فيها بالمنشأة الصحية والتي كانت فترة معظمها في بدايات التسعينيات للقرن الماضي. بمعني، كانت بدايات انطلاق اعمال الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، الى جانب عدم وجود أي من برامج الجودة الصحية للخدمات الصحية (كانت مجرد احاديث ومشاريع في اروقة وزارة الصحة). في تلك الفترة ايضا، كنت (و بفضل من الله) اول سعودي (بالمنطقة) يعمل في الاختبارات الخاصة في نقل الاعضاء (HLA and CM) وذلك بعد حضوري لدورة متقدمة في هذا الشأن بالمختبر الاقليمي بالدمام. كان الدكتور بكر ناصر من المهتمين في عمليات نقل الاعضاء وقد قام بالعديد من عمليات النقل مع مجموعة العمل بالمنشأة الصحية، هذا الكم من العمل (نقل الاعضاء) هيأ المستشفى في الحصول على مركز متقدم (على مستوى المملكة) في عمليات نقل الاعضاء من قبل المركز السعودي لنقل الاعضاء والذي كان يرأسه في ذلك الوقت الدكتور فيصل شاهين. في ذلك اللقاء، دار النقاش في العديد من القضايا الساخنة في الشأن الصحي، و خاصة تلك القضايا و التي كانت (و مازالت) مزمنة! وكانت تمثل عائق كبير في تقديم خدمات صحية مميزة، ولكن رغم تلك التحديات السلبية، كان النجاح حليف الكثير من برامج الرعاية الصحية المقدمة من قبل العديد من فرق العمل بالمنشأة الصحية، وخاصة فريق العمل في نقل الاعضاء والذي كان يرأسه الدكتور بكر ناصر. عزيزي القارئ، لماذا وضعت هذه المقدمة بين يديك؟ السبب في ذلك هو: في مقالي السابق (الفاعلية والابداع في القيادة الصحية) تطرقت في فقرة المقال والتي تبدأ بمفردة (باختصار) الى ما يلي: ان السن (العمر والخبرة المهنية) ليس مؤشرا للفاعلية (هذا من وجهة نظر القيادات الشابة). و في المقابل، ومن وجهة نظر اصحاب الخبرات الطويلة والشهادات العلمية فان الشباب (من اصحاب الخبرة القليلة) ليس ضمانا للإبداع (انتهى). نعم، احببت ان اشير في مقالي هذا الى حال او كيفية المناقشة التي تكون بين جيلين من الممارسين الصحيين في مناقشة العديد من القضايا الصحية الساخنة و التي تعتبر عائق كبير في تقديم رعاية صحية يتطلع الي تميزها العديد من الاطراف! و حال جيل من المتحدثين من جيل القيادات الشابة و ممن لم ارى لهم او اسمع أي تميز او حضور ملفت في الرعاية الصحية (ممن يمكن وصفهم بانهم جيل يقطع و يلزق)! ماذا اقصد؟ اقصد بذلك الجيل الشاب الذي توجه و بكل شغف الي ان يكون له مكانة في القيادة الصحية و دون ان يكون لهم انجازات (تشكر وتحمد) في العمل المهني الصحي! باختصار، وللأسف، كان هناك ممارس صحي، حيث انه وبمجرد حصوله على شهادة الماجستير (دون ذكر التخصص) تطلع وبقوة (و عيون واسعة) لكي يكون قائد صحي لمنشأة صحية، لماذا؟ لأنه وجد في نفسه انه مؤهلاً تأهيلا عاليا لكي يتولى القيادة، ولكن هل وضع هذا الممارس الصحي هذه الأسئلة امام نصب عينية: اين انجازاتك وتميزك المهني في المجال الصحي؟ اين دوراتك التدريبية سواء كانت في تخصصك او في القيادة؟ تكون الاجابة في هذه الحالة هي (الصمت)! نعم، السلام هو اجمل ختام لمثل هؤلاء!