بداية، ومنذ فترة، يمتلكني شعور في الكتابة وبإعجاب شديد عن ادارة الخدمات الصحية بالمنطقة الشرقية، لماذا؟ السبب الاول يعود الى ما يتم تحقيقه من انجازات في الرعاية الصحية (ويكون لها قصب السبق باستمرار) وخاصة في برامج تحقيق التحول والرؤية، الى جانب ما يتم تحقيقه بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام من تميز في اعتماد خدماتها من جهات متعددة (مثل سباهي و JCI). وهناك سبب اخر يرجع الى تسعينات القرن الماضي، حيث سنحت لي فرصة التدريب بالمختبر المرجعي بالدمام، حيث كان من المراكز المعتمدة في اختبارات نقل الاعضاء (HLA Typing)، و كان مجال عملي وقتها. كان على رأس الهرم القيادي للمختبر الدكتور عبدالعزيز الجامع، و كان قياديا مميزا بعلمه و حنكته القيادية الرائعة. في تلك الفترة الذهبية من مسيرتي المهنية (للأسف، عكس الفترة الحالية و التي يمكن وصفها بانها اقل من البرونزي!) شاهدت العديد من الانجازات و التي تميزت بها الخدمات الصحية بالمنطقة الشرقية عن سواها من المناطق الاخرى. والحمد لله، مازالت الخدمات الصحية بالمنطقة الشرقية متقدمة ومميزة في ظل قيادات صحية متميزة بخبراتها المهنية والقيادية. وسبب اخر يمكن ذكره (في نفس الفترة الزمنية)، حيث تولى زمام الشئون الصحية بمنطقة المدينةالمنورة الاستاذ عمر الزغيبي والذي اكتسب خبرة مميزة ونضج قيادي من خلال عمله قياديا ومديرا لمستشفى الدمام، حيث شهدت الخدمات الصحية بمنطقة المدينة نقلة نوعية وايجابية وبمعاونة العديد من القيادات الصحية المميزة (في تلك الفترة) امثال الاستاذ الجفري والدكتور خليل الرحمن والدكتور حبيب ومشرف المختبرات الاستاذ عبدالله الدوسري وقد أحيل جميعهم الى التقاعد، مع تقديري لمن لم اذكرهم من قيادات كانت رائعة بحق (الله يا وقت مضى لو هي بيدينا ما يروح). ماذا اهدف من هذه المقدمة التاريخية؟ نتحدث عن ضعف في مستوى خدماتنا الصحية وعدم وصولها الى المستوى المأمول، نسمع ونقرأ عن الاخطاء الطبية والقصور الذي يحدث هنا وهناك، ونتساءل عن الاسباب؟ وماهية الحلول للوصول الى رقي في خدماتنا الصحية؟ رغم ادراكنا التام باننا نمتلك افضل مقومات التميز في العمل الصحي، سواء كانت ميزانية تشغيلية ضخمة للخدمات الصحية (لا تتوفر في كثير من الدول المتقدمة)، طاقم طبي مميز (اطباء، تمريض و اخصائيين)، بنية تحتية تبهر العالم من حولنا و برامج صحية قل ما تجدها في دول اخرى! ايضا، تولى زمام قيادة الشأن الصحي كوزراء صحة قيادات مميزة امثال د. الشبكشي، د. المانع، د. الربيعة و قيادات صحية اخري (على مستوى وزارة الصحة) كانت لهم بصمة مميزة في تقديم افضل ما لديهم من خبرات في العمل الصحي، كما يمتاز وزير الصحة الحالي بخبرته المهنية و الادارية الرائعة، حيث يسعي لتحقيق اهداف واستراتيجيات التحول والرؤية في الرعاية الصحية باقتدار وتميز. باختصار، لا بد ان نتفق ان وصول الممارس الصحي الى مركز قيادي في الرعاية الصحية لابد ان يكون تحت مظلة من الاشتراطات المهنية. هذا يعني، لا بد ان يمتلك المرشح لمنصب قيادي سواء كان قائدا صحيا لإدارة صحية او قائدا صحيا لمنشأة صحية صغيرة كانت او كبيرة، كم كبير من الخبرات المهنية والفنية والادارية لكي يكون مؤهل للمنصب القيادي وليس حديث تخرج من الجامعة او من كان في بداية حياته المهنية ويرغب في الكرسي القيادي مبكرا! اعتقد بل اجزم ان خصخصة الرعاية الصحية مستقبلا سوف تضع اشتراطات ومؤشرات في ترشيح القائد الصحي الناجح بأذن الله. استشاري العدوى والمناعة مستشفى مدينة الحجاج بالمدينة المنورة