يبدو أن الهزيمة المذلة التي تلقاها حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، في انتخابات اسطنبول المعادة، ستحمل في طياتها تداعيات كبيرة، على نظام أردوغان الذي يقود تركيا منذ عام 2003، خاصة وأنها الهزيمة الثانية له من نفس المدينة، في غضون أقل من 3 شهور. فقد أفادت وسائل إعلام تركية، امس "الاثنين" باستقالة وزير الاقتصاد السابق علي باباجان من حزب العدالة والتنمية، الذي يعد أحد مؤسسيه، وذلك بعد أيام من الحديث عن تأسيس حزب جديد يقوده باباجان مع الرئيس السابق عبد الله غل. ويأتي قرار انشقاق باباجان، بعد أيام قليلة من إعلان "باباجان" نيته تأسيس حزب جديد في الخريف، بمساعدة الرئيس السابق عبد الله غول. وكان باباجان واحدًا من الذين قاموا بتأسيس حزب العدالة والتنمية، في 14 أغسطس 2001، ومنذ ذلك الحين وحتى استقالته، تقلد العديد من المناصب داخل الحزب، وفي عدد من الحكومات التي تعاقبت على السلطة، إذا سبق له أن حمل حقيبتي الخارجية والاقتصاد، فضلا عن توليه منصب نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الشؤون الاقتصادية. ويمثل هذا القرار الصادر من خصوم أردوغان – الذين كانوا حلفاؤه سابقاً – تدشين لأولى خطوات خلعه من السلطة، عبر تأسيس حزب جديد منشق عن العدالة والتنمية، برؤية معارضة تماما لسياساته. ويضم الحزب التركي الجديد خليطاً من الوجوه القديمة والجديدة الناجحة، حيث يدرك كل المقربين من باباجان مدى دقته ومعاييره العالية، إذ إنه يعمل على التفاصيل الصغيرة لكل الخطط قبل الإعلان عنها. ولا يختلف اثنان على أن "باباجان اسم كبير في السياسة التركية، خاصة فيما يتعلق ببصمته على الاقتصاد، ويملك كل المؤهلات ليكون رئيسا للبلاد"، ما يجعل الأتراك ينتظرون حزبه بشغف كبير، بحسب تقرير سابق نشرته النسخة الألمانية لموقع دويتشه فيلا. ويتوقع كثيرون أن يكون باباجان هو الشخص الذي سينهي حكم أردوغان والعدالة والتنمية لتركيا، وذلك بدعم من شخصيات قوية مثل سعد الله أرغن، الذي كان وزيرا للعدل لسنوات عدة ودشن حزمة قوانين لدعم الديمقراطية، وبشير أتالي الذي حاول خلال السنوات الماضية تدشين مفاوضات سلام مع الأكراد، ورئيس المحكمة الدستورية السابق هاشم كيلك. وشهدت الأيام الماضية تطورًا سريعًا في ملف الحزب الجديد، إذا كشفت مصادر مطلعة عن أن باباجان التقى "أردوغان"، وأبلغه بتأسيس الحزب الجديد، وأنه سينشق عن حزبه خلال أسبوع. وأشارت التسريبات إلى أن أردوغان رد عليه قائلًا: "إذا كنتم تريدون فعل شيء أفعلوه داخل حزب العدالة والتنمية؛ ولكن إن ذهبتم ستذهبون كما ذهب آخرون واختفوا من الحياة السياسية". رد أردوغان بهذا الشكل دفع محللين إلى توجيه أصابع الاتهام له ولحزبه بمحاولة تلفيق التهم لباباجان للتخلص منه، وترهيب كل من يريد الانشقاق عن الحزب. وبالفعل، حرك موظف سابق بمستشارية خزانة الدولة بتركيا ويدعى علي تشفيك شكوى أمام النيابة العامة بأنقرة، ضد علي باباجان، اتهمه فيها بالانتماء إلى جماعة رجل الدين فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة الانقلابية المزعومة صيف عام 2016.