قدم نائب رئيس الوزراء التركي السابق للشؤون الاقتصادية وزير الاقتصاد والخارجية وشؤون المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي علي باباجان استقالته من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سعيًا منه لبدء تحرك رسمي لتشكيل حزب سياسي جديد، وفق ما ذكرت وسائل إعلام تركية. وكان باباجان أكد نيته مغادرة الحزب قبيل الانتخابات الأخيرة، ما اعتبره كثيرون ضربة قوية لأردوغان، نظرًا لأنه واحد من مؤسسي "العدالة والتنمية". بدء التصدّع وتفكك الحكم من جهة أخرى، اعتبر معارضون استقالة باباجان مؤشرًا جديدًا قويًّا على بدء تصدع الحزب الحاكم، الذي بقي منفردًا بالساحة السياسية في تركيا على مدى 18 عامًا، بعد أن بدأ الحزب يعاني في الانتخابات المحلية الأخيرة التي أجريت في 31 مارس/آذار وفقد فيها كبرى المدن التركية، وعلى رأسها اسطنبول، لصالح المعارضة. وقال تقرير نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن قبضة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الحكم بدأت تتفكك، حيث بيّن التقرير أن فترة صعبة تواجه أردوغان نتيجة ضعف الاقتصاد المحلي، ومخاوف توسيع العقوبات الأمريكية، وتتزايد الانشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم. بيد أن الليرة التركية تعافت بعد فوز زعيم المعارضة أكرم إمام أوغلو في انتخابات اسطنبول قبل أن تعاود السقوط نتيجة قرار أردوغان عزل محافظ البنك المركزي. ضمن ضربة أخرى تنتظر الاقتصاد التركي مع احتمال فرض الولاياتالمتحدة عقوبات على أنقرة، بسبب صفقة صواريخ إس-400 الروسية. بالتالي، يواجه أردوغان تحديًا داخليًا داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم، حيث توقعت الكاتبة التركية جونول تول أن تتزايد الانشقاقات داخل الحزب بسبب سياسات أردوغان، خاصة بعد استقالة السياسي التركي وأحد قادة الحزب علي باباجان الذي قاد خطط الإنعاش الاقتصادي في فترة ما بعد عام 2000، بحسب تعبيرها. باباجان يوضح وفي أول إشارة واضحة ورسمية من باباجان على التوجه إلى مشروع حزب سياسي جديد، قال في بيان الاثنين: "من المؤسف أنه ليس من الممكن لي أن أستمر في العضوية التأسيسية لحزب العدالة والتنمية، واعتبارًا من اليوم قدمت استقالتي في مقر الحزب". كما أضاف باباجان: "لقد كنت عضوًا مؤسسًا في حزب العدالة والتنمية في أغسطس (آب) 2001. وبعد انتخابات 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2002، أصبحت عضوًا في مجلس الوزراء لمدة 14 عامًا، لكن في السنوات الأخيرة كانت هناك اختلافات عميقة بين الممارسات في كثير من المجالات، والمبادئ والقيم والأفكار التي أؤمن بها، ولقد واجهت انفصالًا بين العقل والقلب". وتابع باباجان: "واجهت تركيا اختبارًا جديدًا، لقد تغير العالم بسرعة، وفي بلدنا لدينا أجيال جديدة لها مستقبل حيوي يحلم بغد مشرق، ولديها توقعات مختلفة تماما، هناك حاجة لرؤية مستقبلية جديدة لتركيا، تتطلب من بلدنا تحليلات صحيحة واستراتيجيات وخططًا وبرامج لإعادة التفكير في كل مجال". عبدالله غُل كذلك أكد: "وفي ظل الظروف الراهنة، أشعر أنا وكثير من أصدقائي بمسؤولية كبيرة وتاريخية عن هذا العمل. لقد كان من دواعي سرورنا أن نقابل كثيرًا من الأشخاص الذين شعروا بالمسؤولية الأخلاقية والاجتماعية نفسها في هذه العملية، أعتقد أن حل المشكلات التي نواجهها لن يتحقق إلا من خلال تمثيل كبير وقوي. علينا أن نعمل معًا، ونستهدف العقل المشترك. من الأهمية بمكان أن يتم عملنا بشكل مستقل وحر. من الضروري التعامل مع الصفحات البيضاء في كل موضوع". إلى ذلك، تداولت الأروقة السياسية والإعلامية في تركيا في الأشهر الأخيرة كثيرًا من التكهنات والمعلومات عن توجه باباجان، بدعم من الرئيس السابق عبد الله غل، وهما من أبرز مؤسسي حزب العدالة والتنمية، إلى تأسيس حزب جديد. وشهد حزب أردوغان استقالات عديدة في الآونة الأخيرة، خاصة بعد خسارته في الانتخابات البلدية في كبرى المدن التركية نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي وتفشي الفساد، بحسب آراء بعض المعارضين.