بين الودائع والتخطيط المالي للاستثمار، تقفز التساؤلات بشأن حجم المدخرات النسائية، أو ماكان يسمى “الثروات النائمة”، والتي تقدر بنحو 200 مليار ريال ، وتمثل رصيدا طموحا للاستثمار في قطاعات واسعة من المشاريع، تضخ المزيد من النمو والتنوع لشرايين الاقتصاد الوطني على ضوء برنامج التحول 2020 ورؤية 2030 ، وما تحقق للمرأة السعودية من مكتسبات تشريعية وعملية غير مسبوقة، ومبادرات وبرامج داعمة من الوزارات المعنية، وصندوق التنمية الصناعي، وغيرها من الجهات المحفزة لسيدات ورائدات الأعمال. وحتى يقف المتابع على مدى تطور مسيرة المرأة السعودية، وما تحقق لها من مكتسبات، تنطلق من مبدأ المواطنة، متساوية الحقوق والواجبات في التنمية الشاملة ، نعود لسنوات معدودة مضت للتذكير بتوصيات المنتدى الوطني الثاني لسيدات الأعمال، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – حيث تصدرت التوصيات التأكيد على أهمية مشاركة المرأة في إنشاء مشروعات خاصة بها، ، وتعزيز دور سيدات الأعمال في رسم التشريعات والقوانين، والتمكين الاقتصادي للمرأة من خلال التعليم والتأهيل والتدريب، وما طرحته جلسات ونقاشات المنتدى آنذاك من قضايا وتحديات جوهرية حول الواقع الفعلي للاستثمارات النسائية، والتحديات التي تواجهها في المناطق المختلفة بالمملكة وكيفية التغلب عليها، وتوعية سيدات الأعمال بالقرارات والأنظمة الجديدة الصادرة بشأن تسهيل الإجراءات اللازمة للاستثمار، وتمكين المرأة السعودية اقتصادياً، سواء في مجالات التمويل أو التدريب والتوظيف، والدعوة للتفكير خارج الصندوق لاستثمار الودائع النائمة في البنوك ، والتي تركزت لسنوات طويلة في مجالات محدودة بأنشطة التجميل والمشاغل ، فيما قطاعات ومجالات واسعة لم تكن متاحة للعمل أمام الخريجات والطامحات ، وعدم استثمار الأموال المدخرة في مشروعا، تدر دخلا وتخلق وظائف وتحقق استقرارا لأعداد كبيرة من المواطنين والمواطنات. كل تلك التحديات، التي طرحتها نقاشات وتوصيات المنتدى الوطني لسيدات الأعمال قبل سنوات، باتت من الماضي ، بعد أن تغيرت خارطة العمل وفرص الاستثمار أمام المرأة السعودية ، والقطاعات الواعدة اليوم أمام الاستثمارات النسائية في بيئة محفزة تشجعها المبادرات والقرارات الداعمة ، وتشريعات قوية واجراءات دقيقة تنظمها وتحميها ، وشراكة حقيقية للمرأة في التنمية وحضورها الفاعل بمواقع ومسؤوليات على كافة المستويات في الوزارات والأجهزة الحكومية، وتحت قبة مجلس الشورى والهيئات الاقتصادية وفي القطاع الخاص. وعلى ضوء الواقع الجديد، تستهدف المرحلة الحالية من التنمية الاقتصادية جذب الأموال النسائية المدخرة وتحفيز صاحباتها على الاستثمار؛ سواء من خلال الأوعية الاستثمارية في البنوك أو المشروعات الحديثة التي تشكل مستقبل التنمية والاقتصاد الرقمي المتسارع النمو محليا وعالميا ، وهاهو الطريق ممهد عبر حزمة من الآليات الرسمية المنظمة، والتي تساهم في تحفيز وتشجيع المرأة السعودية للدخول إلى عالم الاستثمار بشكل أوسع وأكثر ثقة وبأسلوب احترافي. ويقدر خبراء اقتصاديون ومصرفيون حجم المدخرات النسائية في المملكة بنحو 20 % من أصل الودائع البنكية، وهو ما أشار إليه الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية والمتحدث باسم البنوك السعودية في تصريح سابق، بأن حجم هذه المدخرات تتراوح بين 180 مليار ريال، إلى 200 مليار ، مشيراً إلى أن المرأة تستفيد من أكثر من 66 صندوقاً استثمارياً، ، وأن البنوك في خطة عملها تخصص حيزاً كبيراً من الاهتمام بقطاع المرأة في مختلف عملياتها المصرفية والتمويلية تماماً، كما هو الحال مع الرجل، وذلك لتفعيل دورها في مجالات التجارة والاستثمار والاقتصاد؛ بما ينسجم مع رؤية السعودية 2030. من خلال الدعم المادي واللوجستي والفني المتمثل في التمويل والتدريب والتأهيل، إضافة إلى تحفيزها في جميع الأنشطة، بما في ذلك التجارة والإنشاء والتوريد. ومع تفوق المملكة في تحقيق البيئة المحفزة للاستثمارات المحلية والأجنبية ، وتصدرها المركز الثاني عالميا في جذبها، يتوقع الاقتصاديون ارتفاع نمو استثمارات سيدات الأعمال السعوديات بنسبة 3 % بنهاية العام الحالي 2019م ، وهو معدل كبير وطموح، إذا تمت ترجمته إلى مشروعات انتاجية وخدمية استثمارية واقتحام مجالات جديدة مثل الصناعات التقنية، إلى جانب قطاعات الإنشاء والعقارات ، وحول ذلك يؤكد الاقتصادي فضل البوعينين، أن رؤية 2030 ركّزت على رفع إسهام المرأة في قطاع الأعمال ، متوقعا نتائج مبشرة للجهود الحكومية المتميزة الداعمة لاستثمارات القطاع النسائي، وتحفيز شريحة عريضة من رائدات الأعمال، وخروج الاستثمارات النسائية من ثوب التقليدية، والاهتمام بالإنتاجية لتعظيم الثروات. وطبقا للأرقام والبيانات التي أعلنتها المملكة عام 2017، في كلمتها بالأمم المتحدة حول المرأة في التنمية ، يبلغ عدد صاحبات الأعمال أكثر من 30 ألف سيدة ، فيما تجاوز حجم الاستثمارات العقارية للنساء 82 مليار دولار، ووصل عدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي ترأسها النساء أكثر من 20 ألف مشروع ، فيما أصبح حجم الاستثمارات النسائية أكثر من 21% من حجم الاستثمار الكلي للقطاع الخاص، وأكثر من 20% من الأموال الموظفة في صناديق الاستثمار السعودية المشتركة. هذه الأرقام والإحصاءات تغيرت معدلاتها مع تزايد نمو الاستثمارات النسائية والتفكير خارج صندوق الودائع لتسهم في النمو عبر شرايين الاقتصاد الوطني.