إقبال بعض الفتيات على عمليات التجميل بات ظاهرة ، خاصة بين المراهقات والقاصرات لولعهن الشديد بالفنانات والمشهورات من المطربات وغيرهن من نجمات المجتمع ، فرغبتهن الملحة لتقليدهن من حيث شكلهن و أناقتهن ورشاقتهن دفع القاصرات للهوس بعمليات التجميل غير مباليات بالضرر الذي قد يقع علي صحتهن ، نتيجة إجراء عملية فى هذا السن المبكر الذي لم تكتمل فيه كل أعضاء الجسم. حول هذه القضية استطلعت "البلاد" أراء العديد من الاستشاريين النفسيين والمختصين والأطباء ، لاستعراض مدى الضرر الذي قد يقع في حالة إجراء مثل هذه العمليات. فى البداية أبدى د. عبدالكريم فدا استشاري جراحة تجميل الوجه والأنف اعتراضه الشديد على إجراء أي تدخل تجميلي لمن هم دون عمر ال 18 عامًا لأسباب عديدة، من بينها وجوب العلم بأن نمو الوجه والأنف والجسد لا يكتمل قبل سن ال18 عاماً، ويستمر نسبيًا بعد ذلك العمر بفترة ، مشيراً إلى أنه يضم صوته إلى الأصوات الرافضة لإجراء أية جراحة قبل اكتمال النمو، ولا سيما إذا كانت عملية تجميل غير ضرورية ، كما أن هذا العمر يمتاز بملامح الطفولة حتى بلوغ سن الرشد. تهافت المراهقات وأوضح الدكتور "فدا" أن هناك أسبابا عدة لهوس المراهقات بإجراء عمليات التجميل ومن بينها تقليد الأخريات، وتأثير الصديقات و تقمص بعض الفتيات دور خبيرات التجميل لمجرد متابعة وسائل الإعلام ، و توجيه النقد السلبي للفتيات حول مظهرهن ممن حولهن، ومقارنتهن بالأخريات، و كذلك الشعور الداخلي بالنقص ومتلازمة الشعور الخاطئ بالقبح الشكلي ، موصياً بمعالجة هذه الأسباب من قبل الأسرة للحد من إجراء عمليات التجميل من خلال زيادة الوعى بخطورتها وتأثيرها السلبى على الصحة فى هذه المرحلة العمرية . التغيرات الفسيولوجية ومن جانبه يرى د. شجاع القحطاني الاستشاري الاجتماعي والأسري أن من أسباب إقبال المراهقات على عمليات التجميل التغيرات الكبيرة والسريعة التي تحدث لهن في النواحي الجسدية، فى فترة البلوغ وما بعدها ، ووهمهن بأن جمالهن ناقص فيعتقدن بشكل خاطئ أن عمليات التجميل هى السبيل للوصول لاكتمال الجمال . ويتابع د. "القحطاني" أن متابعة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة الإعلانات ورغبتهن فى التغيرات التي تحدث لهن بعد خضوعهن للعمليات، جميعها أسباب تدفع المراهقات إلى الإقبال على عمليات التجميل، والحقيقة أنهن في مرحلة عمرية لازالت مبكرة جدًا للبحث عن الجمال المتكامل، خاصةً أنهن في طوري التكوين والنمو. ولفت إلى أن الجمال الداخلي ينعكس على خارج الإنسان، فكلما أحب الإنسان نفسه كلما أحب جسده. والشخص الواثق من نفسه ومن جماله وتكوينه سيرى الآخرين بنظرة تعكس هذه الثقة على ملامحه الخارجية، والعكس صحيح لأن فاقد الشيء لا يعطيه. التوعية بالمخاطر ويوصي "القحطاني" الآباء والأمهات والمعلمين بالتوعية والتوجيه و تثقيف المراهقات بأن الجمال الحقيقي هو جمال الروح والأخلاق، وأن الله خلقنا في أحسن صورة ويعلم بالأصلح للفرد ،فهو أحسن الخالقين. بالإضافة إلى كون الجمال الداخلي هو من يجعل الآخرين يحبون الشخص ويتقبلونه، أما الشكل الخارجي مجرد إطار معين، مع التعود عليه يصبح أمرًا اعتياديًا ولا يلفت أي انتباه. حالات خاصة ويشدد على ضرورة أن تقتنع الفتيات بأن عمليات التجميل لها ضوابطها وحالاتها الخاصة التى تستوجب الخضوع لها، كالحروق وإصابات الحوادث، وبعض الأمراض الجلدية التي تجعل الفرد يلجأ للتجميل من أجل التحسين ومعالجة التلف، بمعنى أن عمليات التجميل تكون للضرورة وليست من الترف والكماليات. رأى القانون ومن الناحية القانونية يرى خالد أبو راشد المحامي والمستشار القانوني ضرورة الالتفات لسن الفتاة المقبلة على عمليات التجميل, فإذا كانت فوق سن ال 18 عامًا فهي حرة التصرف وصاحبة القرار، أما الفتاة الأقل من ذلك السن فتحتاج لموافقة ولي أمرها ، لافتاً إلى أنه بموجب نظام مزاولة المهن الصحية لا يحق للطبيب عمل أي تدخل جراحي للمريض غير البالغ إلا بموافقة ولي أمره، ماعدا الحالات الحرجة جدًا مثل إنقاذ الحياة أو الحوادث . وقال "أبو راشد" إن إجراء الأطباء لعمليات التجميل يعود لنظام مزاولة المهن الصحية، مع ضرورة أن يستوفي الطبيب جميع الشروط ، مؤكداً على أن الطبيب يُعاقب إن أخطأ خطًأ طبيًا، أو أجرى عملية لفتاة قاصر دون موافقة ولي أمرها. وحذر المحامى "أبو راشد " المعلنين من الإعلان عن عيادات غير مرخصة أو نشاط غير مرخص، لأن في هذه الحالة يكون المعلن شريكًا في الجريمة، مع ضرورة تحري الدقة والتأكد من تراخيص العيادات والأنشطة المعلن عنها. تجدر الإشارة إلى أنه بناءً على إحصائية الجمعية الدولية للجراحة التجميلية، تأتي المملكة العربية السعودية في المرتبة الأولى عربيًا في عمليات التجميل، حيث تم إجراء 95 ألف عملية تجميلية عام 2016 بتكلفة تجاوزت 5 مليارات ريال ، وأكثر فئة عمرية إجراءً لهذه العمليات بين 19-30 عامًا، فيما تفوقت النساء على الرجال ب70% من نسبة العمليات مقابل 30% للرجال. وقد احتلت المراكز الأولى عمليات شفط الدهون وإعادة الحقن (فيلر)، وعمليات شد البطن وتجميل الصدر وشد الوجه وعمليات تجميل الأنف، وذلك وفقًا لما نشرته الجمعية العلمية السعودية لجراحة التجميل والحروق على موقعها الإلكتروني.