حين يكون الحديث والطرح عن القضاء في المملكة العربية السعودية فلابد أن يبرز أمام الجميع مفهوم المساواة حيث إن المملكة في تعاملها مع المسؤولية الجنائية لا تفرق أنظمتها بين الجنسين مع توفير كامل الخصوصية للنساء خلال الإيقاف والتحقيق والمحاكمة والتوقيف تأكيداً على اهتمام الدولة بحماية حقوق المرأة وتمكينها بحزمة من الإصلاحات ومراجعة الأنظمة واللوائح لدعمها وفق الثوابت الدينية والقيم الاجتماعية والمنهج الوسطي بما يحفظ الحقوق ويحدد الواجبات. فالقضاء في المملكة يتميز بالاستقلالية والحيادية والموضوعية والنزاهة وقد نصت المادة الأولى من نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/78 وتاريخ 19 /9 /1428ه على أن القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، وليس لأحد التدخل في القضاء كما نصت المادة الثانية على أن القضاة غير قابلين للعزل إلا في الحالات المبينة في النظام كما نصت المادة السادسة والأربعون من النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 وتاريخ 27 /8 /1412ه على أن: (القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية)، كماعلى أن: (القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، وليس لأحد التدخل في القضاء). ولا شك ان مبدأ استقلال القضاء يتيح للقاضي الحكم بناء على الوقائع والمعطيات دون تدخل في سلطاته مرتكزاً في أحكامه وقراراته على الشريعة الإسلامية مع منح كافة المتهمين جميع الضمانات التي تتطلبها إجراءات المحاكمة العادلة، ابتداءً من محاكمة المتهم أمام محكمة مستقلة وأمام قاضيه الطبيعي، في محاكمات علنية، يكون للمتهم فيها الحق بتوكيل محام وإعطاء المحامي الحق في حضور إجراءات التحقيق والتقاضي، والاطلاع على كل المستندات والمحاضر الخاصة بالمتهم، مع تكفل وزارة العدل بتكاليف المحامين لمن ليست لديهم الاستطاعة المادية. وأعطى نظام القضاء السعودي المتهم الحق في الاعتراض على الأحكام الصادرة عليه بالطرق المقررة للاعتراض، وكفل النظام حقه في التعويض العادل عما أصابه من ضرر إن حكم ببراءته، كما أن القضاء الجنائي في المملكة يتقيد بشكل كامل بقواعد الإثبات النظامية من حيث الاقتصار على الأدلة المقدمة في الدعوى، ومراعاة مبدأ افتراض براءة المتهم، إضافة إلى منح المحكوم عليه حق الاعتراض على الحكم الصادر بحقه وبالتالي فإن القضاء في تعامله مع الدعاوى المرفوعة لا يعدها أمورا ثابتة لا تتطلب المناقشة والمراجعة إنما يطلب الدليل مع كامل الفرصة للمتهم للرد عليها والدفاع عنها وليس بالضرورة أن تكون الأحكام متوافقة مع ما تقدمت به النيابة العامة من عقوبة محددة فقد تكون أخف أو أشد منها. وقد أكدت المملكة مراراً أنها تراعي في جميع إجراءاتها وأنظمتها وتطبيقاتها جميع المعايير الوطنية والدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان ومراعاة الجوانب القانونية وغيرها من الجوانب اللازمة للتعامل مع المتهمين وتوفير الرعاية والحماية للضحايا وأسر المتهمين والمحكومين وتقديم المساعدة لهم،مع مراعاة وإيلاء حقوق الإنسان الأهمية القصوى فالحكم في المملكة يقوم على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية، والنص صراحة على مسؤولية الدولة تجاه حماية حقوق الإنسان فضلاً عن إفراد جملة من حقوق الإنسان في أحكامٍ خاصة كما نص النظام على شخصية العقوبة، وشرعية التجريم والعقاب، والفصل بين السلطات، واستقلالية القضاء، وعدم الإخلال بما ارتبطت به المملكة مع الدول والهيئات والمنظمات الدولية من معاهدات واتفاقيات.