على خلاف الكثير من اقتصادات المنطقة، يمضي الاقتصاد السعودي بخطى ثابتة متجاوزا الصعاب والأزمات التي تتعرض إليها العديد من بلدان العالم، ما جعله مصدر ثقة وأمان واستقرار لكل باحث عن استثمار حقيقي، وما من دليل أمضى على ذلك من النتائج والمؤشرات التي أظهرها الإصدار الأخير الذي أعلنته وزارة المالية من سندات، ضمن برنامج المملكة لأدوات الدين العالمية، اذ ما لبثت ان نفدت الحصة المطروحة في غضون سبع ساعات من اعلانها، وهو ما يعكس قوة ومتانة الاقتصاد السعودي عالمياً وثقة المستثمرين الدوليين بمختلف جنسياتهم وتصنيفاتهم، سواء كانوا أفراداً أو منظمات أو جهات حكومية والثقة كذلك بمستهدفات (رؤية المملكة 2030). وبلغ إجمالي الطرح 7.5 مليار دولار أمريكي (ما يعادل 28.12 مليار ريال سعودي) مقسمة على شريحتين: 4 مليارات دولار امريكي (ما يعادل 15 مليار ريال سعودي) لسندات 10 سنوات استحقاق العام 2029م، و 3.5 مليار دولار أمريكي (ما يعادل 13.12 مليار ريال سعودي) لسندات 31 سنة استحقاق العام 2050م. ولقى الإصدار الأخير صدى واسع بين المستثمرين حول العام، بطلبات تفوق ال 27 مليار دولار، 40% منها لشريحة إصدار ال 31 عام، حيث تمكنت المملكة من إغلاق الإصدار الأخير في غضون سبع ساعات، وسجلت الطلبات لشريحة 31 سنة في (استحقاق عام 2050)، بما يفوق ال 11مليار دولار، حيث بلغ إجمالي الطرح 7.5 مليار دولار أمريكي مقسمة على شريحتين: 4 مليار دولار أمريكي لسندات 10 سنوات، و3.5 مليار دولار، حيث تخطى توقعات بيوت الخبرة العالمية في ظل تذبذب ظروف الأسواق العالمية مؤخرا. وجاء اختيار توقيت إصدار السندات في أول العام الميلادي الجديد 2019، ليبرهن لاقتصاد العام بأن المملكة لها دور فعال في المنظومة الاقتصادية العالمية، فبالرغم من الأحداث السياسية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة ، جاء هذا الاصدار باكورة إصدارات الدول في المنطقة، بعد موجة المخاوف اتجاه الأسواق العالمية، وساهم كذلك في توسيع نطاق المستثمرين الدوليين، حيث شارك في الاكتتاب مستثمرين جدد بلغ عددهم 40 مستثمر٫ منهم شركات استثمار عالمية، وبنوك مركزية، وصناديق سيادية، وبنوك عالمية ومحلية، وشركات تأمين، وصناديق تقاعد من جميع أنحاء العالم. ويؤكد هذا الإصدار بأن الأداء العام لأدوات الدين السعودية يسير بشكل يتوافق مع المشاريع التنموية والاستراتيجية وفق رؤية المملكة 2030، حيث تعتبر المملكة كأحد المصدرين للديون السيادية عالمياً، وكل ذلك نتيجة اهتمام ومتابعة القيادة الرشيدة لجعل المملكة تحتل مركزاً مالياً تدعمها آلية تطوير المالية العامة، من خلال تطوير سوق مالية متقدمة تساهم في زيادة السيولة وتسهيل وصول رؤوس أموال كبيرة من السوق العالمية. وكان البنك الدولي ابقى على توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد السعودي خلال العام الجاري 2019 بنسبة 2.1% على ان ترتفع الى 2.2% في العام المقبل 2020 في مؤشر على استمرار التعافي مع الإصلاحات التي يشهدها الاقتصاد السعودي في السنوات الاخيرة. يشار الى ان البنك الدولي رفع تقديراته لمعدل نمو الاقتصاد السعودي خلال العام الماضي 2018 إلى 2% بينما كانت تقديراته السابقة في يونيو الماضي تشير الى تحقيق 1.8% بارتفاع 0.2% وهو ما يؤكد استمرار تعافي الاقتصاد السعودي. هذا فيما أشارت وكالة "رويترز" إلى أن المستثمرين وضعوا أزمات المنطقة خلفهم، وهرعوا إلى السندات السعودية، لافتة إلى حجم الطلب الدولي الكبير، إذ تم شراء الإصدار السعودي بأكمله تقريباً من المستثمرين الأجانب. واستأثر المشترون من الولاياتالمتحدة ب40% من إصدار سندات العشر سنوات، و45% من إصدار الثلاثين عاماً. ونقلت وكالة "بلومبيرغ" تعليقات مشابهة من مديري الاستثمار، مع اتفاق على أن تسعير الإصدار يعكس معطيات السوق والعوامل الاقتصادية ولا شيء غير ذلك. وهذا التقييم اتفقت معه صحيفة "فاينانشال تايمز"، التي نقلت عن أحد المصرفيين الذين تابعوا الإصدار أنه لا يجد أي تأثير سياسي في عملية التسعير. هذا فيما استحوذت المملكة على نحو 13% من حجم الصكوك المصدرة عالميا خلال العام الماضي، البالغة 114.8 مليار دولار، حيث يشمل ذلك الإصدارات الداخلية "العملة المحلية" والخارجية بالدولار الأميركي. وبحسب تحليل، استند إلى بيانات وزارة المالية، ووكالة ستاندرد آند بورز، فإن إصدارات السعودية من الصكوك خلال عام 2018 بلغت نحو 14.9 مليار دولار، منها مليارا دولار إصدارات خارجية، ونحو 12.9 مليار دولار "48.7 مليار ريال" إصدارات صكوك محلية، لتشكل بذلك نحو 13 في المئة من حجم الإصدارات العالمية من الصكوك، البالغة 114.8 مليار دولار. وتجاوزت الإصدارات العالمية من الصكوك مقومة بالعملة الأجنبية خلال العام الماضي 30 مليار دولار، فيما بلغت الإصدارات المتبقية من العملات المحلية للدول نحو 84.5 مليار دولار. وبذلك فإن إصدارات المملكة من الصكوك الخارجية البالغة ملياري دولار تعادل نحو 6.6% من حجم الصكوك المصدرة بالعملة الأجنبية عالميا خلال العام الماضي 2018. وتراجع حجم الإصدارات من الصكوك عالميا بنحو 4.8 في المئة إلى 114.8 مليار دولار بنهاية عام 2018، مقارنة بنحو 120.6 مليار دولا عام 2017، حيث انخفضت بنحو 5.8 مليار دولار. وشكلت الصكوك المقومة بالعملة الأجنبية نحو 26.4 في المئة من إجمالي الإصدارات العالمية، فيما شكلت العملة المحلية للدول نحو 73.6 في المئة بنهاية العام الماضي 2018. ثمة انعكاسات إيجابية يقول بها المحللون اثبتت نجاح الإصلاحات الاقتصادية للمملكة من خلال رؤية 2030، لافتين إلى أن تلك الإصلاحات أثبتت مدى كفاءتها على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأكدت متانة الاقتصاد الوطني، وعززت سمعته العالمية، وفق ما أوردته تقارير دولية مختلفة. والانعكاسات التي يعتمد عليها الاقتصاد السعودي، لتأكيد قوته من خلال تنويع مصادر الدخل، واستحداث قطاعات اقتصادية جديدة، وبعث رسائل طمأنة للمستثمر الأجنبي، حيث عكس تصنيف "موديز" لاقتصاد المملكة، القوة التي يتمتع بها، خصوصًا أن التصنيف أشار على سبيل المثال إلى أن نمو إجمالي الناتج المحلي السعودي سيصبح 2.7 في المائة في العام 2019م، بينما كان المتوقع 1.5 في المائة، ما يشير إلى تحقيق خطط الإصلاح الاقتصادي نتائج أعلى من التوقعات.