منذ زمن بعيد .. عقدت اجتماعا مع مدراء إدارة تدريب التسويق .. وكان الاجتماع يناقش أهداف أحد مؤتمرات الخطوط السعودية ..والتي اعتدنا عقدها سنويا في مدينة الطائف .. بدأ الاجتماع صاخبا ..وفيه الكثير من الحماس والإثارة .. الكل يريد أن يبيع أفكاره .. فريقي في العمل كان غير متجانس .. الكل له اتجاهاته ورؤاه وأساليبه وطرقه في عرض أفكاره .. للوهلة الأولى ترى أن الفريق متنافر متناحر وأعضاءه مقاتلون شرسون ..وحيث إنني أنا المسؤول عن اختيارهم بهذه الكيفية المتعمدة لإدارة التدريب .. حتى يكون هناك تكامل في القدرات والمهارات والإمكانات الإبداعية .. فكان لزاما علي، أن أضع نموذجا مبتكرا لإدارة الحوار والنقاش، يحول هذا التنافر إلى صيغة توافقية تجمع كل فضائل الفريق ومخرجاته من الأفكار والرؤى .. المهمة كانت صعبة ..ولكنها كانت ممتعة بالنسبة لي .. لأنها مليئة بالتحديات والإبداعات. وأعود إلى الاجتماع .. فجأة اضطررت أن أترك قاعة الاجتماع؛ تعبيرا عن عدم الرضى، ورفضا لاسلوب الحوار .. وخرج المدراء خلفي يلومونني أنني السبب في تكوين فريق غير متناغم ..وطيبوا خاطري ..وعدت إلى الاجتماع .. ووجهت إلى أحدهم سؤالا .. مستفسرا عن بعض النقاط .. فقاطعه زميله قائلا: لا يافوفو .. وهنا أسقط في يدي .. إلا إن الزميل كان يود أن .. يطري الجو .. وكان لا بد من أن أعيد السؤال إليه، وأقول له: ( أبغاك انت تجاوبني يا حمدتو .. ) وهنا ضحك الجميع وعرفوا أنني استهجن مثل المخاطبات .. وقلت لهم بكره .. ستنادوني .. يا زوزو .. وآخر يا شوشو. الخ. وقلت لهم: إن المنشآت والمنظمات تضع لها بروتوكولات وقواعد للسلوك وطرق التعامل والمخاطبة بين أعضاء المنظمة وموظفيها والمتعاملين معها. وعادة ماتصدر المنشآت والمنظمات كتيبا خاصا، يحمله جميع العاملين يحتوي على المعلومات المهمة، التي تريد المنشآت من موظفيها معرفتها واتباعها .. ومن ضمن هذه المعلومات أغراض الشركة .. ورسالتها وأهدافها ورؤيتها واستراتيجياتها ..وقواعد التعامل مع الصورة الذهنية التي تريد الشركة أن تطبعها في عقول أفراد المجتمع والمتعاملين معها ومظهرها وقيمها وقيم العاملين فيها، بل تذهب إلى أبعد من ذلك ..الى ممثليها ووكلائها الذين يبيعون منتجاتها وخدماتها .. وبالطبع يجب أن يتضمن هذا الكتيب قواعد السلوك الخاصة بالإداريين والعاملين من ملابس وأزياء وسلوكيات إدارية عامة .. وبروتوكولات الخدمات الاجتماعية الخاصة بالشركة، والتي تحاكي قيم المجتمعات في كل بقاع الأرض. والتحدي الذي يواجه مدراء اليوم ..هو كيفية رسم قواعد السلوك لمنشآت ومنظمات العصر الذي نعيش فيه ..حيث إن معظم مديري الشركات اليوم هم من جيل السبعينيات .. القدامي .. والذين تحكمهم قيم ومفاهيم قواعد السلوك الكلاسيكية .. وذلك في مقابل أن مرؤوسيهم هم من جيل الشباب ، الذين أسميهم: جيل الفيمتو ثانية .. وتحكمهم قيم وأدوات القرن 21 .. والتي تغيرت جذريا بسبب التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات ووسائط التواصل الاجتماعي ..والتي بالضرورة تتطلب انتاج قواعد سلوكية اجتماعية ووظيفية جديدة تتماشي وتتواءم مع الوفرة في بدائل الأزياء والمظهر العام للإنسان الى جانب سلوكيات التعامل مع وسائط التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي من حيث النصوص والمفردات والحديث ونبرة الصوت ..وكيفية التعامل مع الموضات المتلاحقة من ألوان وأشكال تنعكس علي البشر وتحقق تطلعات أجيال العصر. الانضباط في تطبيق قواعد السلوك الوظيفي، هو بداية الريادة في نجاح وتطور منشآت الأعمال.