الدعوة لنشر الابتسامة واللطف بين الناس انتشرت وذاع صيتها، فلا يخلو محيط اجتماعي أو حتى وظيفي إلا ورفع تلك الشعارات، على اعتبار أنها أقصر الطرق لكسب القلوب وميلها نحونا، مهما كنّا نحمل من متناقضات لتلك السماحة المزعومة، لدرجة أننا أصبحنا ندفع المبالغ الطائلة لنتعلم كيف نبتسم، وكيف نجامل، وكيف نرحم من حولنا، أمر محيّر.. أن نبحث عن طريقة من أجل الحصول عليها نخوض العديد من الدورات التدريبية، لنكتسب أساليب التعامل مع الآخرين، ونكتشف في نهاية الأمر أننا نتعامل من خلال منظور من علمونا، ونصبح نسخة منهم.. نتكلم كما يتكلمون، نقر بقراراتهم، ونعبّر عنهم لا عن أنفسنا. نحن حقيقة نحتاجهم.. إنما ليس لصنع أشباه لشخصهم، بل ليساعدونا على الوقوف أمام أنفسنا، نقوّم فيها ما يحتاج للتقويم، ونثبّت الجميل، ونحسّن من الجيد. لا تملي عليّ ما أفعله.. بل علمني أن أفعل ما أريد بطريقة صحيحة، علمني أن أكون نفسي في صورة محسّنة، ليس من العيب أن أتعامل مع الآخرين وفقاً لما أراه صحيحاً، ولن ينقص من شأني بصفتي القيادية مهما كانت أن أكون لين الجانب، مراع للظروف، مقدراً للمطالب والآمال، حتى أنني إن وجدت الحنو هو الوسيلة الصحيحة.. لا تصفني بالضعيف فأنا أعرف الفرق بينه و بين الرحمة، ولا تخبرني أن الدراسات أثبتت أن من صفات القائد الناجح أن يكون حازماً صلباً يصنع قراراته ويصر على تنفيذها، فهذه النظرية لم تكن يوماً في قاموس التعامل عندي، لن أصبح سمكة قرش فلم تكن لي أنياباً حادة في يوم من الأيام، ولم أعتد على ترك أظافري تنمو كثيراً إلا بداعي التجميل، لذا لا تتلائم طبيعتي مع أنثى الأسد. كلي يقين أنت لا تخلو من تلك الرحمة، بل لعلّك مغموس فيها إلى الأعماق، إلا أنك تخفيها خلف ستار الهيبة والصلابة التي أوهموك بأنها مصدر قوتك. يا سيدي “الراحمون يرحمهم الله”، كن على ثقة.. لو ابتعدت قليلاً وقد تركت خلفك كمية منها “أقصد الرحمة” ثم نسيتها في زحمة الحياة وفوضى الأعمال مسافات البعد، ستجدها بعد حين واقفة أمامك تزيح عنك هماً أتعبك ويأس أخذ منك مأخذه. للتواصل على تويتر وفيس بوكeman yahya bajunaid