نعمة عظيمة نكاد لا ندركها إلا عندما تستفزنا الذاكرة وتعيد أحداث مضت لا نرغب في تذكرها فنقول وقتها " يا لنعمة النسيان ".. إلا أننا في واقع الأمر لم ننسى بل تناسينا، ورمينا بما أردنا نسيانه في بئر عميق يفيض ماؤه كلما داعبتنا الصور والكلمات، فيغرقنا في فيضان من الذكريات بعضها الجميل وأكثرها يسبب الألم، الجميل منها لم نرغب يوماً في نسيانه، لذا لم نقم بمحاولة التخلص منه في ذلك البئر، وإن كان قد تسرب بعضه مع ذكرياتنا المؤلمة بسبب عوامل العمر ورهق الحياة. – مساء الخير.. – "باستنكار" مساء النور.. – فاكرتني..؟ – والله ممكن.. وممكن لا.. – أذكرك.. فاكرة يوم.. ربما لا أرغب في تذكرها أو أنني لم أنساها..! ولكن الذاكرة ترفض أن تعيد صورتها إلى ذهني الحالي رأفة بي لا أكثر.. أحيانا لا نريد أن نتذكر الأشخاص ولا الأحداث التي كانت معهم، ليس رفضاً لشخصهم ولكن لأن أحداثنا معهم مربوطة مع أشخاص آخرين نسيانهم رحمة. قد نكره بعض الأماكن التي لا ذنب لها إلا أنها رافقتنا فبقيت هي ورحلت الرفقة، نمر عليها بمسحة حزن تصيبنا بالتعب، وقد نكره بعض الأشخاص أيضاً لنفس السبب، إنما حتى هذه لسنا مخيرين فيها ، فبعضهم نحبهم ولا يمكن لنا أن نكرههم، مهما كوّنوا في حياتنا ذكرة مؤلمة. قد يتحدث معك ضاحكاً وهو يسرد مواقف قديمة مرت به، لا بل قد يكثر من الضحك أثناء سرده إلى الحد الذي يجعلك تتعجب من تلك الكمية من القهقهة التي تراها أمامك مع أن الأمر لا يدعو لذلك، لا تتعجب..! فلو أنك تركته يستمر وأنت في صمتك المذهول لأجهش في البكاء.. كثيرة هي الأمور التي خبأها بين حناياه مرتجياً أن تختفي وعندما رفضت المضي سخر منها فلم تحتمل وبادلته السخرية. إن كان في النسيان راحة لا نستطيع الوصول إليها..! ففي التناسي أجمل درس يعلمنا الحذر لنكون مترقبين فيما هو آت حتى لا نكرر ما مضى، فإن كررناه و لم نتعلم، تحتم علينا حينها أن نحدث ضربة في الرأس تجعلنا نفقد الذاكرة. للتواصل على تويتر وفيس بوكeman yahya bajunaid