حاولت جاهدا ان اتابع احد او بعض المسلسلات التلفزيونية خلال شهر رمضان ولكن اصبت بالملل بسبب مضيعة الوقت في الكم الهائل من الاعلانات العبثية التي تفقدك طعم المتابعة وتسلسل الافكار في حبكة القصة. ولكن وللانصاف يجب ان انوه بان التلفزيون المصري في السنوات الاخيرة سحب البساط من تحت التلفزيونات العربية جميعا فيما يخص – (بعض المسلسلات الدرامية فقط) – وخصوصا التلفزيون اللبناني الذي كان متألقا في فترة من الفترات ببرامجه المتنوعة .. والذي كان يقدم لنا طبقا من الفاكهة البرامجية المتعددة الالوان والاذواق مزدانة بباقات الورود والديكورات والازياء ذات الحس العصري ويبث شغف وحلاوة الحياة في نفوس مشاهديه .. فكانت برامجه موسيقية وفنية وشعرية وحوارية هادئة دون زعيق او تشنج تناقش شتي امور الحياة والانسان لكل الاعمار .. بل يحث متابعيه قائلا "خليك بالبيت" ولقد كان مقدموا تلك البرامج علي درجة عالية من المهنية والاحتراف .. هذا وكان التلفزيون اللبناني ينتقل بك الي خارج اسوار الاستوديوهات ينقل الاحتفالات والمناسبات والنشاطات والسهرات السياحية والعائلية. ويجب ان لا ننسي انه قبل نهايات تلك الحقبة ظهرت قنوات ART و قنوات روتانا واخيرا MBC. – ويعذرني القارئ في عدم سرد التواريخ – الا انه وللاسف توارت تلك القنوات شيئا فشيئا ويستثني من ذلك قنوات MBC والتي تعتبر اقوي القنوات العربية تنوعا ومشاهدة ولكن يظل التلفزيون المصري له حضور طاغي علي جميع القنوات العربية والخليجية من خلال تصدير الدراما المصرية المتنوعة ..والتي اعتدنا نحن السعوديون والخليجيون علي لهجتها وحبكتها وفنانيها. الخ..الا انني يجب ان استدرك هنا لانوه بانني لست معجبا او متفقا مع كل المسلسلات المصرية نظرا لاحتواء بعضها كلمات واشارات خادشة للذوق العام. هذه مقدمة لما اريد ان اناقشه معكم اليوم لقد قضيت اسبوعين وانا اتقصي آراء العديد من الشباب في بعض البلدان العربية ..اسألهم ماذا يعشقون وماذا يشاهدون في التلفزيونات العربية .؟! فكان ردهم : نحن لا نشاهد التلفزيون مطلقا .. بل نحن نجد ما نريد من خلال اجهزة الكمبيوتر واللوحيات والهواتف الذكية ..انها تغنينا وتلبي احتياجاتنا وتمكننا من الاختيار في الوقت والمكان الذي نشاء. وليس هذا فحسب .. بل انها تجنبنا وتبعدنا عما يبث في التلفزيون من مآسي واحزان ورتابة وايقاع زمني بائد تعيشون فيه وتسمونه الزمن الجميل ..؟! وقالوا لي لقد اختطف جيلكم التلفزيونات العربية كلها ببرامجها وافلامها وموسيقاها ومذيعيها ومحاوريها ..الخ. وسألوني هل تشاهد شبابا يظهرون من خلال الشاشات بروح وحس العصر وايقاعه .. ؟! حتي الشباب الذين تختارونهم للعمل معكم من صنع انماطكم واذواقكم ..انهم اسري افكاركم وزمنكم الذي تربيتم وعشتم فيه .. ولا ادل علي ذلك الا برامج مسابقات الاطفال الفنية الغنائية مثل THE VOICE KIDS وغيره حيث أن تأشيرة الدخول الي عالم الفن في القرن الواحد والعشرين يجب ان تكون من خلال حكام واغاني الزمن الجميل كما تسمونه.. بل تجبرون وترغمون الاطفال علي تقمص اغاني ليلي مراد وسعاد محمد وعبدالوهاب واسمهان .. الخ. وقالوا لي حتي عندما تقدموا برامجكم التلفزيونية فانكم تستعرضوا ذكرياتكم وبرامجكم وحواراتكم القديمة ..اي انكم تجتروا ماضيكم؟ ! وحولتم القنوات الي البث الابيض والاسود. لقد صدموني بهذا الرد المفحم .. وبعد تفكير وتمحيص وجدتهم محقون فيما ذهبوا اليه ..حيث ان القائمين على التلفزيونات العربية نسوا ان العالم يتغير ويتحول الي بدائل التلفزيون من كمبيوترات ولوحيات وهواتف ذكية تعج بملايين التطبيقات التي تقدم لهم محتوي تفاعليا اكثر ذكاء ويحاكي طموحات واحتياجات الشباب وفق التيارات العالمية التي تضج بالحرية والفكر والابداع. واخيرا عزيزي المعلن التلفزيوني. هناك تناقص مطرد وشديد في عدد البالغين الذين يشاهدون التلفزيون التقليدي .. حيث تقل ساعات المشاهدة 18 دقيقة في اليوم. وان الذي يتخذ قرار الشراءهم فئة الشباب ..الا انهم شديدي التعلق بمشاهدة الميديا الجديدة من وسائط التواصل الاجتماعي بانواعها وعبر مواقع الشركات علي الانترنت. الخ وتذكر ان نسبتهم في المجتمع تتخطي ال 60% . والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة .. هل نعلن من اجل حفنة كبيرة من المشاهدين .. ام نوجه اعلاننا لمن يتخذ قرار الشراء .. وفي هذه الحالة هم الشباب.