لأنني أعمل في المكتب المجاور لمكتبها، فلا يمكن لها أن تمر دون أن أراها وتراني، ومع تعاقب السنين أصبحت أدرك ما نوع مزاجها منذ اللحظات الأولى التي ألمحها فيها، وعلى الرغم من أنها لم تنس في يوم من الأيام أن تلقي التحية.. إنما حتى تلك التحية كانت أحياناً مصحوبة ببعض التعكير، وهو أمر طبيعي فالحياة متقلّبة لا تبقى على حال، وطبيعتنا كبشر تفرض علينا أن نتأثر بهذا التقلّب ونسير معه.. هي موجة وتمر، إنما في بعض الأحيان تطيل البقاء، فتصبح سمة في شخصنا دون أن ندرك متى تغلبت علينا. هذا ما حدث مع زميلتي.. فقد أصبحت غائمة المظهر دائماً، لا يحمل وجهها سوى العبوس، وحتى لو أجبرت نفسها على رسم الابتسامة، فإنها تظهر باهتة لا حياة فيها.. أزعجني هذا الأمر، ولم أحتمل البقاء، أرقبها وهي تتضاءل، كما أنني كنت قد بدأت أخاف من تأثيرها عليّ وعلى من حولي، فنصبح جميعاً نشبهها.. عقدت العزم على أن أباغتها وأنا أحمل كوباً من مشروبها الساخن المفضل؛ حتى أفتح باباً للحديث، ومنذ جلوسي أمامها ابتسمت ابتسامة المدرك للأمر، وقالت في سخرية محببة : هاتي إللي عندك يا كوتش تصدقي.. مرة شكراً.. اختصرتي عليّ الموضوع.. إيش في؟ "بنفس السخرية" إيش في؟ قصدك.. إيش مافي. طيب.. اتكلمي.. خرجي إللي في نفسك.. فضفضي. " نظرت نحوي في دهشة " ممكن أعرف ايش روح التفاؤل دي إللي عندك.؟ هو المفروض أكون متشائمة.؟ لا.. بس على الأقل منطقية. طيب يا منطقية قولي.. " في يأس " مليّت.. طفشت.. تبدعي وتبتكري وتفكري خارج الصندوق (على قولهم) وآخرتها تشوفي التصفيق لغيرك.. وصلت لنتيجة حتريّحني وما أبذل بيها مجهود. مضمونها..؟ ما حاتعب نفسي.. وخلاص. ( أجبتها في اهتمام هذه المرة ) وليش وصلتي لهذه النتيجة؟ " ابتسمت ابتسامة جانبية ؛ لإنه كله محصّل بعضه. ابحث حولك في مؤسستك وداخل المدارس وفي المحلات التجارية، وحاول أن تعرف كم شخصا وصل إلى هذه النتيجة.. ستجدهم كُثر.. لا تنتظر أن تأتي مرحلة أخرى بعدها يبدأ فيها تسرب الموظفين الأكفاء من أماكنهم. يجب عليك إذا أردت النجاح أن تحدث موازنة بين احتياجات العميل وولاء الموظف، ولعل هذا الولاء يأتي بالدرجة الأولى.. ولتحقيق ذلك يجب البحث عن قائد لا عن مدير يقود فريق العمل، فالأمر مختلف بين الاثنين.. الأول يحدث فرق والثاني يحدث كارثة. للتواصل على تويتر وفيس بوك eman yahya bajunaid