اختتمت فعاليات البرنامج التدريبي المكثف الذي عقده مركز التدريب الهندسي بالإدارة المركزية للمشروعات التطويرية التابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية، والتي استمرت على مدار خمسة أيام تحت رعاية أمانة محافظة جدة، بالتعاون مع خبراء الوزارة وهيئة التعاون الفني الألمانية (GTZ) حول "تقييم سلامة المنشآت الخرسانية المتصدعة والآيلة للسقوط"، وذلك بمشاركة 11 جهة حكومية من الجهات ذات العلاقة بمنطقة مكةالمكرمة. استهدف البرنامج التدريبي الذي استضافته أكاديمية الأمانة بأبرق الرغامة تأهيل المهندسين المدنيين للكشف على المباني والمنشآت الخرسانية وتقييم حالتها الإنشائية وإصلاحها، وذلك بتعريفهم بأبرز العيوب والمشكلات والتدهور الذي قد يظهر على الخرسانة في منطقة الخليج وشبة الجزيرة العربية، بالإضافة إلى مساعدتهم على التوصل إلى التشخيص الصحيح للحالة، والاستفادة من الخيارات المتوفرة لاتخاذ القرار السليم من إصلاح أو تقوية أو حماية أو حتى هدم المبنى جزئيا أو استبداله في بعض الحالات. قام المتدربون أول أمس بجولة ميدانية على عدد من المباني التي توجد بها تشققات، و دراسة مشاكل منطقة قويزة التي تعاني من عدد من الهبوطات والتشققات في مبانيها و بعض مدارسها. من جانبه أطلع مدير عام السياحة والثقافة بأمانة جدة المهندس سامي نوار المشاركين على نماذج من مباني المنطقة التاريخية والتشققات الموجودة بها، وأساليب الترميم التي تجريها الأمانة في عدد من المباني التابعة لها باستخدام العناصر الأساسية والطبيعية لتلك المباني، مع إظهار ما أدى إليه إدخال بعض العناصر المسلحة كالحديد والخرسانة في أعمال الترميم إلى تدهور المباني، ومن ثم انهيارها مما تطلب وضع خطة صيانة ومعالجة لها بطريقة خاصة بالاستعانة باستشاري فرنسي متخصص. اشتملت الجولة الميدانية التي وفرت للجهات المشاركة تجربة ميدانية وتطبيقية لما تم مناقشته خلال الورشة على التعرف كذلك على أهم المشاكل التي يعاني منها جسر تقاطع طريق المدينة مع شارع حراء والذي توجد به بعض التشققات وتآكل في جدران الخرسانة، وقد طرحت أمانة جدة مشروعا لترميمه. أوضح الدكتور مجدي محمد خليفة - مستشار الهندسة الإنشائية والمشرف الأكاديمي لمركز التدريب الهندسي - أن هناك عدة عوامل تؤثر على نوعية الخرسانة و انعدام أو فقدان أو ضعف أي من حلقات السلسلة بما يؤدي إلى عدد من المشكلات التي يكون لها علامات و مؤشرات منها حدوث تغيرات في الشكل كالترخيم والتشوهات والتشققات، أو تغيرات تطرأ على اللون والخواص الطبيعية للمادة، بالإضافة إلى اهتزازات بالأعضاء الإنشائية والمعمارية. وأضاف أن الحكم على المباني الخرسانية وطرق علاج الأضرار يتطلب عددا من الخبرات في الشخص القائم بتقييم المنشآت منها التصميم والمعرفة " بالكودات" ، والتحكم في الجودة وتأكيدها، ومعرفة العوامل المؤثرة على الخرسانة، والمتطلبات الرئيسية للمنشآت الخرسانية من حيث الأمان والخدمة والديمومة والحرائق والاقتصاد والقدرة على اتخاذ القرار و تحمل مسؤولياته. وأشار إلى أن أبرز أسباب المشكلات الخاصة بالخرسانة تكمن في أنه لم تكن هناك خبرة كافية بالبناء في بيئة شبة الجزيرة مترامية الأطراف، بالإضافة إلى درجات حرارة المرتفعة التي قد تصل في الشمس إلى 60 درجة مئوية، والافتقار للتقنيات المناسبة والأيدي العاملة المدربة، وعدم توافر مواد خام جيدة للخرسانة من حيث عدم وجود صناعة محلية للأسمنت ونقل الأسمنت وتعرضه للأجواء القاسية فترات طويلة، وعدم وجود صناعة بحجم كبير للركام، فضلا عن الجفاف الشديد في المنطقة الوسطى، والرطوبة العالية والجو المحمل بالأملاح على السواحل، إلى جانب التربة والمياه الجوفية المشبعة بالأملاح، وعدم توافر برامج الصيانة المؤثرة، والجفاف السريع للخرسانة مما يغري بإضافة مياه وهو ما يؤثر على الديمومة سلبياً، لافتاً إلى أن الحر الشديد يؤثر كذلك على العمال والمشرفين وقد يفقدهم التركيز في العمل لإتقان الصب والحفاظ على الغطاء الخرساني . ومن جانبه أكد رئيس هيئة الخرسانة بأمانة محافظة جدة على أهمية مثل هذه الدورات في ظل التطور السريع في تشييد المباني السكنية والتجارية والإدارية والمنشآت الأخرى من أنفاق وجسور، والعديد من الأخطاء التي قد تحدث سواء في مراحل التصميم أو أثناء التنفيذ أو نتيجة سوء الاستخدام والصيانة، والتي أصبحت المنشآت تتعرض بسببها وربما بعد فترة وجيزة من تنفيذها إلى تشققات وتصدعات قد تصل إلى انهيار بعضها كليا أو جزئيا، لذا كانت هناك بالفعل حاجة ماسة إلى هذا البرنامج التدريبي لتسليط الضوء على الأسباب المباشرة وغير المباشرة لتصدعات الخرسانة وعرض حالات وتجارب واقعية للمباني والمنشآت المتضررة، مع تقديم نتائج الخبرة العلمية والعملية من خلال المحاضرين في هذا البرنامج. شارك في الدورة أكثر من 25 مهندسا متخصصا من العديد من الجهات الحكومية وذات العلاقة بالمنشآت في منطقة مكةالمكرمة منها أمانة العاصمة المقدسة، وشركة أرامكو السعودية، والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، ووكالة الحرس الوطني بالقطاع الغربي بجدة، ومطار الملك عبد العزيز الدولي في محافظة جدة، فضلا عن إدارة الطرق والنقل بمنطقة مكةالمكرمة، والشؤون الصحية بمحافظة جدة، وصندوق التنمية العقارية بمنطقة مكةالمكرمة، وإدارة الأوقاف والمساجد بمحافظة جدة، وإدارة التربية والتعليم بمنطقة مكةالمكرمة، وإدارة الدفاع المدني بمحافظة جدة.