يحدث كثيرًا أن أشعر فجأة بالحنين عندما تخطر ببالي قارة (أفريقيا) دون مقدمات وبلا أي أسباب موضوعية، أرى فيها (البيت الكبير) كما يروق لي أن أسميها، وقد يعرف المقربون مني مدى عشقى للسفر.. ولكني أصرح لهم دائمًا مستخدمة لهجتنا المصرية الدارجة بطريقتنا المبطنة بشيء من السخرية: (إنه برغم عشقي الشديد للسفر والمغامرة إلا أنى من الناس الفقرية اللى متقدرش تستمتع وهى برّة مصر أكتر من 3 أيام، بعدها ببدأ أحس بوجع الغربة وبأبقى عاملة زى الطفل الصغير اللى أخدوه من حضن أمه، قد إيه بيكون إحساسه بالحنين وإنه عاوز يرجعلها)، ولكن…. القارة السمراء وتحديدًا «دولها الأفريقية» ربما استطاعت أن تغيّر من ذلك بنسبة كبيرة جدًا، فخلال سفرى أو تواجدى بإحدى تلك الدول أكاد لا أشعر بهدا الشعور المزعج، (وكأنى في بيت العيلة فعلًا ومروحتش بعيد). ولا أدرى تحديدًا ما هو سبب عشقي لتلك السمراء الساحرة، ولا أجد جوابًا واضحًا لسر تأثيرها عليّ، ولكنى مستمتعة باستسلامى تماما لقوة جذبها، ووجدت نفسى أقع في غرامها منذ أول لقاء لنا وحتى من قبل اللقاء، وبشكل عام فلدى شعور دائم بالانتماء للجنوب (لصعيد مصر بصفة خاصة… ويمتد أيضًا لما وراء حدود البلاد ليشمل باقى القارة الأفريقية). وقد كانت كينيا آخر الدول الأفريقية التي قمت بزيارتها منذ عدة أشهر.. ورحت أتذكر سحر منتجعات مومباسا الساحلية على المحيط الهندى، وكذلك غاباتها الاستوائية الغنية التي تشبه حديقة حيوان كبيرة مفتوحة تزينها أجمل وأندر الأشجار والورود، فكينيا تعد أكبر دولة منافسة لهولندا في تصدير الورود على مستوى العالم. وعلى الشاطئ يتردد إيقاع الطبول ذات النكهة الأفريقية لتقدم عليه قبائل المسايا، بزيها الأحمر المميز وحليها العاجية الملونة، رقصاتها المعبرة عن أشكال وطقوس الحياة البرية في أحراش البلاد…. وقد كان الأحلى بالنسبة لى من كل ذلك بشاشة الوجه ذي البشرة السمراء التي تُشعرك بنوع جميل من الإحساس بالارتياح والتفاؤل طوال وقتك هناك.