في عام 1934 م ، قام نحات ياباني بصنع تمثال من البرونز للكلب هاتشيكو ، وتم نصبه أمام محطة للقطارات ضمن احتفال كبير حضره هاتشيكو نفسه . وفي العام التالي مات هاتشيكو في أحد شوارع مدينة شيبويا ، فأحيطت جثته بعناية واحترام وجرى تحنيطها وعرضها في المتحف الوطني للعلوم في اوينو- طوكيو . ولكن لم هذا الاحتفاء بهاتشيكو ؟ ولماذا الاستهلال بقصة حيوان لطالما ضرب به المثل في وفاءه ؟ . هاتشيكو هذا كان ً يوصل صاحبه الأستاذ الجامعي يومياً إلى محطة القطار ويبقى في انتظاره إلى حين عودته من عمله في الجامعة ،وعندما توفي الأستاذ في العام 1925م ، لم يجرؤ أحد أن يخبره بما حدث ، فظل هاتشيكو يتردد على ذات المكان الذي تعود أن يلتقي فيه صاحبه لمدة عشرة أعوام ، كان الناس أثناءها يرمقونه بنظرات امتزجت فيها مشاعر الإعجاب والشفقة على حاله البائس الحزين ..وبمرور الأيام أصبح هاتشيكو اسطورة وصار المعلمين في المدارس يطالبون تلاميذهم أن يكونوا أوفياء لوطنهم كوفاء هاتشيكو لصاحبه . أما في الأدب العربي فهناك من اشتهر بالوفاء ً ، وكثيراً ما نردد عبارة تقول : "أوفى من سموأل " ، والسموأل هو شاعر جاهلي حافظ على الدروع والكنوز التي أودعها عنده صديقه امرؤ القيس قبيل رحيله لمقابلة قيصر الروم ، وأبى أن يسلمها للملك الكندي الذي طالب بالاستيلاء عليها بعد وفاة امرؤ ، وأصّر أن يعيدها للورثة الشرعيين ، رغم التهديد والحصار الذي مورس ضده والقتل الذي لحق بابنه ، وقال صائحاً ً: " ورب السماء لن أخون ذمتي .. ولن أجعل العرب تعيرني بقلة وفائي .. وولدي بين يديك أمانة فإن قتلته كنتُ وبقية أولادي له خير خلف ، وإن تركته ما كنت لأعطيك أمانة في عنقي .. فافعل ما شئت ." .الوفاء هي صفة إنسانية وخصلة اجتماعية تتمثل في التفاني للأهل والأصدقاء ، والمجتمع وللمؤسسة التي نعمل بها ، وللوطن الذي نشأنا تحت سماءه وتنعمنا من خيراته ..الوفاء يلزمك التصرف والتفاعل معهم جميعاً وفقاً للقيم السامية والمثل العليا ، تحب لهم ما تحبه لنفسك ، تسطر أروع البطولات في الذود عنهم ، والرفع من مكانتهم . فالإنسان الوفيّ لا يغدر أبداً مهما ادلهمت الخطوب ومهما تقلّبت الليالي واختلفت الدروب ،هو إنسان نبيل وصادق المشاعر ، يقف إلى جانبك في الأفراح والأتراح ، يشد من أزرك في الأزمات ويجنبك الويلات . هل مايزال الوفاء الأهم للوطن الذي تربينا على ثراه موجوداً ؟!!!.. بعض الأقطار العربية ، حالها أليم ،الأمن والأمان فيها يضيع ، الدماء الطاهرة تسفك ، الهوية تمحى ، الآثار والأوابد التاريخية تهدم . أليس من الدين والأخلاق أن نحب أوطاننا ونضحي من أجلها ، وأن نبقى أوفياء لمقدراتها ونحافظ على مكتسباتها وعلى إرثها الحضاري كاستحقاق واجب للأجيال القادمة .. وطني لو شُغِلْتُ بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي. مرتبط