لغتنا العربية مهددة بالانقراض ، وهذا ليس تهويلاً أو مبالغة في القول ، بل هو حقيقة واقعة تدعمها البراهين والحقائق ، وهذا التهديد جاء من جهتين مختلفتين الاولى : من قبل الآخر ( الغير عربي ) وهو تهديد تآمري على طمس اللغة العربية بإنتاج جميع آلات التنكلوجيا الحديثة بلغته بحجة أن اللغة العربية فشلت في مواكبة التقدم التقني لهذه الأجهزة الحديثة ، رغم تعريب الجوالات الذكية وبعض الاجهزة الالكترونية الاخرى ولكن الحكمة تقول : " لا وجود حضاري لأمة من الأمم بدون لغة تنطق بها بين الأمم ، ولا وجود لدولة تنطق بغير لغتها ". والاهتمام بلغتنا العربية لا يعني إهمال اللغات الأخرى بل من الواجب تعلمها ، ولكن لا تكون هي المسيطرة على شخصيتنا ويصبح استخدامنا لمفرداتها أكثر من استخدامنا للغتنا الأم ، لقد لمست في جيل الشباب استخدام اللغة الانكليزية وهذه هي الجهة الأخرى التي تهدد غياب اللغة العربية وهم أبناؤنا ، وأصبحت اللغة الانكليزية مثلاً هي اللغة العصرية والذي يتكلم باللغة العربية فقط أمام الشباب يعتبرونه متخلفاً أو أمياً أو جاهلاً ، أنه أمر غريب حقاً ومتى رأينا بريطاني يعتز بأنه يتكلم العربية ؟ أو فرنسي أو ألماني ؟ ، لماذا هذا السباق واللهث وراء الآخر ، والتنصل من أعز وأكرم لغة ، وهي لغة القرآن الكريم . ولحل هذه المعضلة التي أخذت بالتفاقم سنة وراء سنة لا بد من قرارات عليا تسهل تداول اللغة العربية ، ورفع مستواها لقد أصبحت أغلب مفردات لغتنا لا يفهم معناها الكثير فيطالبون الكاتب أن يكتب لهم بلغة مبسطة حتى يستطيعون فهم الموضوع ، إنها مشكلة بل طامة كبرى تحل بلغة القرآن وأتوقع للجيل القادم (وهذا ليس تشاؤما ) بل حقيقة واقعة نستطيع تحليلها من الواقع الحالي فبعد جيلين أو ثلاثة سوف تختفي لغة القرآن ولن يستطيع أبناء اللغة العربية قراءة القرآن الكريم بشكل صحيح ! إن لم نكثف الجهود لترسيخ قواعد اللغة العربية وتكثيف البرامج التي تشجع على ممارسة اللغة وحث الأبناء على القراءة في كتب الادب العربي للمحافظة على شخصيتنا العربية المستقلة . إن عدم فرض القوانين لتعريب كل مايتداوله السوق التجاري هو ما أدى الى الإهمال والتغافل عن اللغة فيلجأ العربي إلى تعلم لغة الأجنبي من أجل لقمة عيشه ، لأن لغته الأم مجالها ضيق وفرص العمل ، فيها تكاد تكون معدومة والسؤال المطروح هو : كيف تحيا لغتنا العربية في سوق وواقع لقمة عيشه يتوقف على تعلمه لغة أجنبية ؟! نحن بحاجة إلى رفع الوعي بأهمية اللغة العربية وتدعيمها ، لكونها الآن قد أصبحت لغة مهزومة في مخيلة الاطفال ونحن الآن بحاجة مآسة وضرورة ملحة إلى قصص نجاح تعيد الأمل للأطفال بلغتهم العربية لأن عصرنا هذا هو عصر المعلومة العلمية وليس عصر الشعر والغزل ، لأنه ارتبط في ذهن الغالبية بأن اللغة العربية هي للشعر فقط فاصبحوا يكتبون رسائلهم ويخاطبون الآخرين باللغة العامية التي يتخللها مفردات لغة أجنبية ! ، واعتبر أن قيام البعض بترجمة الكتب العلمية للغة العربية انتصاراً رائعاً للغتنا ولابد من تشجيع هؤلاء للمضي قدما في هذا المنحى. نعم لغتنا العربية عالمية مثلها مثل أي لغة أخرى بل هي أغنى اللغات بالمفردات ، ولا يوجد لغة أخرى على وجه الأرض تضاهيها بالمفردات المتعددة ، حيوان الأسد لديه أكثر من خمسين اسماً في اللغة العربية وأما في بقية اللغات فلن تجد له اكثر من اسم او اسمين ، وتمتاز لغتنا العربية بدقة الوصف وهذا ما لاتجده في اللغات الأخرى فمثلاً كلمة : (حدق) تعني ركز نظره للشيء و (لمح ) أي رأى شيئا يمر بسرعة و (شخص) أي ينظر بخوف وترقب وكل هذه مرادفات دقيقة تصف حالة النظر للأشياء وهناك مرادفات كثيرة للنظر . إن لغتنا من أجمل اللغات ولكننا لم نتذوقها حتى نصفها أبنائنا.