اصابنا الألم والفجيعة مما اصاب مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم والشهداء الأبرار من حراس امنها، بإرهاب غادر في أواخر شهر رمضان المبارك، جريمة انتحارية انتهت قداسة وحرمة المكان والزمان، واستهدفت ارواح وسكينة الصائمين المصلين لحظات الافطار. جريمة نكراء صدمت كل الوطن والامة الاسلامية، ورغم هذا الغدر من اعداء الدين والانسانية، الا ان الملايين من زوار واهل المدينة والجوار امضوا تلك الليلة وختام الشهر الكريم في طمأنينة متبوعة بالفرح والسرور بجائزة الصوم التي شرعها الله تعالى ألا وهي عيد الفطر المبارك. والعيد في المدينة وان كان يجدد في النفس جذوة الايمان، وهو ايضا يعيد ذكريات عشناها في الماضي محفورة في نفسي مثل كل زائر لمدينة الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم، دائما العيد في الرحاب الطاهر يرسم لواحة مضيئة في قلب ووجدان كل زائر. لذلك امضيت ايام العيد في رحاب طيبة الطيبة للصلاة في المسجد النبوي الشريف والتشرف بالسلام على الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، واتواصل مع احبة تربطني معهم عشرة عمر جمعتنا خلال عملي قبل عقود في المدينةالمنورة. لقد استرجعت ذكريات مضت مع العمر بجمال ايامها وصورها الحياتية البهية بنقاء القلوب وبساطة الحياة، حيث كان الناس يتزاورون ويتواصلون في مجالس وصحبة خير يزيدنا فيها اصحابها وروادها قبسا من مكنون عقلهم وآرائهم. وهنا لا انسى السيد عبدالوهاب ابراهيم فقيه رجل المجتمع المعروف ورئيس مؤسسة الادلاء سابقاً ونخبة من رجالات المدينة. السمة الاخرى ان مجتمعات الماضي كان ابناؤها يقومون على الانشطة، فكنا نعرف اسماء وصفات اصحاب هذه الايدي التي تأكل من كد يدها، كذلك المكتبات كان صاحبها هو من يعمل بها ويعرف الوسط الثقافي ومحبي القراءة ويطلعهم على جديد الاصدارات ومؤلفيها من السعوديين والعرب، فكانت المكتبات على صغرها رافداً ثقافياً، اما مجالس الادب فواكبت حينذاك عصر رواد الادب والثقافة ومربين افاضل، رحم الله من غادر دار الفناء وحفظ من نتقاسم معهم الحياة. حقاً كانت اياما جميلة تزين النفوس بالبهجة وعادات اجمل تعطر الافراح واللقاءات في العيد، حيث كان اهالي المدينة يستعدون قبيل حلوله بأيام وفي صبيحة العيد تنطلق الاحتفالات عقب الخروج من المسجد النبوي الشريف، وتبدأ بموكب الامير بعد اداء صلاة العيد وخروج الرجال والنساء والاطفال متوجهين الى منازلهم سيراً على الاقدام، وتضفي بهجة الاطفال على الحياة معنى العيد منذ ساعاته الاولى وطوال ايامه في اسواقه وساحاته والملاهي البسيطة آنذاك بساطة عصرها. تغيرت الدنيا على وجه البسيطة ونحن جزء منها، وتغيرت النفوس، ولم تعد الحياة بسيطة ولا قانعة الا من رحم ربي، ممن تعبق بهم الحياة والحمدلله على الستر والعافية، ولا يزال من الخير الكثير وصفات جميلة، وان شاذ عن ذلك جهل جاهل او افساد فاسد وغير ذلك من طبائع البشر، هكذا كانت الاخلاق مبتغى الناس من القدوة الى الابناء والبناتن وصلة الارحام وحق الجار، والامانة والتكافل والسمعة الطيبة رأس المال الأهم عند التاجر. المدينةالمنورة مع مكةالمكرمة وكافة مدن المملكة تشهد تنمية حضارية واسعة، ويد البناء لا تتوقف بالدعم والرعاية من ولاة الامر حفظهم الله، وحفظ بلادنا من كل شر وسوء ورد كيد الكائدين الى نحورهم، وأدام علينا نعمة الامن والامان والرخاء، وانه سميع مجيب. للتواصل/ 6930973