يقول الشاعر أحمد شوقي : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا . الأخلاق هي سمة الإنسان وقد نجدها تمارس بشكل أو بآخر عند بعض الكائنات الحيوانية بالفطرة والترويض الجيد ، وهي مجموعة من القيم والمبادئ يتربى عليها المرء لتصبح من مقومات ثقافته اليومية ، فيستقيم سلوكه ويتحسن أداؤه فتجلب له الخير وتطرد عنه الشر ، وتجعله ينشر العدل ويتخلص من الظلم ،ويسمو بأفعاله ويصحى ضميره الذي يسكن فيه والوازع الديني الذي نشأ عليه ، وهي الأخلاق التي تحمله مسؤولية أمام الله والمجتمع وأمام نفسه .تفوق بمخرجاتها الحسنة عن أي عمل يصدر خوفاً من مساءلة قانونية سنتها السلطات القضائية ، يقول المهاتما غاندي معززاً الأخلاق :" في مسائل الضمير لا مكان لقانون الأغلبية " .." أن نغفر للآخر فهي سمة الأقوياء " ، " أن لا نغضب ونتعصب فهم أعداء الفهم الصحيح "، " يصبح الإنسان عظيماً تماماً بالقدر الذي يعمل فيه من أجل رعاية أخيه الإنسان " . من أخلاقنا نرتقي ، فالصدق في القول والفعل وفي التعامل يجعلنا لا نحتال ولا نروج لسلعة مغشوشة ولا نبيع مادة مخدرة تضيع الشباب وتهدد مستقبل الأمة ،ولا ننتهك سيادة دولة ولا ندمر وطن ، نتصرف بكل شفافية ووضوح ، لا نتمذهب ولا نتكلم بلغة عنصرية واستعلاء طائفي أو قبلي ، نتسامح مع الناس جميعا بغض النظر عن الدين أو الجنس أو اللون أو الطبقة الاجتماعية التي ينحدرون منها ، فالكل سواء ولهم حقوق كفلتها الشرائع السماوية يقول الخليفة علي كرم الله وجهه : " الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق " ، والأخلاق أيضاً تحثنا على نبذ العنف ومحاربة الإرهاب بكل ما أوتينا من قوة وعدم تكفير الناس وتهديدهم بالقتل والتصفية لأنهم مجرد مخالفين لنا في الرأي ، أو لأنهم رغبوا من باب النصح والهداية في كبحنا عن الانضمام لمنظمات ارهابية تنشر الخراب وتسفك الدماء . الفاجعة الانسانية والجريمة المروعة التي استفاق عليها المجتمع في مدينة الرياض صبيحة يوم الجمعة 19 رمضان في قتل الأم هيلة العريني رحمها الله على يد أبنائها بدم بارد هي دليل على أن الأبناء قد ابتعدوا عن الأخلاق وتعاليم الدين الصحيحة ، فلم يعد المغرر به يميز بين والدته التي ربته ورعته وواجب عليه برّها والتكفل بها وغيرها من النساء ،، فقد انحرف تفكيره وضلّ رأيه وغسلت دماغه من قبل جماعات لا أخلاقية استقطبوه نفسياً وأوهموه بأن ذبح الوالدين محلل شرعاً إن اعترضوا طريقه في الجهاد ، وأن القتال في سورية هو نصر للإسلام وإعلاء لاسم الله في الخلافة المزعومة ،ولكن لماذا يقترف هذا الولد العاق ذاك العمل الآثم ؟ !! أبناؤنا من فئة المراهقين وصغار السن أمانة في أعناقنا ومن واجبنا الأخلاقي تجاههم احتوائهم وتتبع تطورات شخصيتهم والتعرف على الكثير من أصحابهم الذين من الجائز أن يكونوا رفاق سوء أو أصحاب سوابق ، علينا رعايتهم وعدم الشغل عنهم وتوجيههم بعناية ، علينا تصحيح مسارهم ، مشاركتهم الكترونياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، معرفة من يجندهم ومن يحرضهم للخروج على طاعة ولي الأمر واستعداء الوطن وتبني عقيدة مشوهة .الأمر يدق ناقوس الخطر ويفرض علينا التحرك الآن وليس غداً ،، حتى لا نخسرهم ونحرم الوطن من شبابه الواعد . قال المولى عز وجل في رسولنا الكريم :"وإنك لعلى خلق عظيم". Twitter:@bahirahalabi