منذ الأزل وعلى مر السنين، حول العالم وفي كل مكان، هناك شخصية خالدة، شهد لها الجميع بفضلها، ولم ينكر جميلها أحد، شخصية أوصانا بها الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثا، واخبرنا بأنها احد ابواب الجنة، كما قرن سبحانه وتعالى الجنة برضاها شخصية ربت حتى اخرجت لنا امثال الامام ابن حنبل وشيخ الاسلام ابن تيمية. هي من تعطي بلا مقابل، وهي رمز الحنان، كما انها صانعة الاوطان، وهي نصف المجتمع، كما انها تلد وتربي النصف الآخر. هي صاحبة اكبر تأثير عليّ، فقد اثرت ايجابيا على اخلاقي، فعندما أرى تعاملها الراقي وخلقها السامي اتعلم منها فن حسن الاخلاق، واثرت في كلامي، فاصبحت معظم مفرداتي منها، علمتني كيف انسج خيوط الكلام حتى أصبح لبقة عذبة اللسان، وجهتني نحو اهداف واقعية، علمتي أن النجاح لمن اجتهد وان من زرع حصد، واكدت لي هذا من خلال نجاحاتها. اثرت على افكاري فجعلتها سامية، علمتني كيف افرق بين الخطأ والصحيح دون ان تشعرني ولو لبرهة انها مخطئة، فربتني على آداب دين حنيف، ولم تقصر في حقي مرة. أمي شخصية قوية، شخصية حالمة، كما انها شخصية واقعية، هي انسانة تربت على الدرب الصحيح، فعاهدت نفسها ان تربي ابناءها على الدرب الصحيح . فهي انسانة يضرب المثل بحسن عقلانيتها، هي قدوة يحتذى بها، ففي منظوري هي احد رواد الحياة. امي علمتني كيف اعطي ولا انتظر المقابل، علمتني ان اكرم عدوي حتى يحس بحقارته، وعلمتني كيف انتقي اصدقاء الصلاح. امي علمتني دروسا عن الحياة دون ان ادخل مدرستها، وأضاءت لي الشموع في كل مكان حتى اصبح الظلام يضمحل الى ان يختفي، فأصبحت لا أعرف اليأس والمستحيل ولا أضعهما في قاموسي. علمتني ان اعطي الافضل ان كنت اريد ان اكون الافضل، أفهمتني ان الحياة لن تكون بجانبي دائما، وانه لا عيب إن فشلت بل العيب إن لم أقف على قدمي مجددا. أمي مهما كتبت عن جميلها عليّ فلن احصره كله، فصدق نابليون حينما قال : "الام التي تهز السرير بيمينها، تهز العالم بيسارها". وأقول أنا: إن حضنها أنعم وأدفأ وسادة في الدنيا، وصوتها أحلى نغم، فقد ينفذ ما في قلمي من حبر، وما في جعبتي من كلمات وأنا لم اصف حتى ربعها. أما في الختام فأسأل الله عز وجل أن يعينني على برها ونيل رضاها ودخول الجنة ببركة دعائها. فأمي من اعظم رزقها أن الجنة تحت أقدامها وأعاهد نفسي ان اتبع خطواتها، واسير على الدرب الذي اختارته هي في تربيتنا، لأربى أنا بالتالي ابنائي على هذا النهج السليم، واخرج ما أخرجته هي من إبداع ودين وادب وتميز. بقلم الطفلة/ يُسر زامل العتيبي