"فَلِمَ لا تهجرين جزيرة العرب؟ إذا أنت لم تكرَّم بأرضك فارتحل" يطرح الكاتب طراد العمري هذا التساؤل على المرأة السعودية عبر مقال له نشر في صحيفة الحياة تحت عنوان "أخرِجوا المرأة من جزيرة العرب". حيث تطرَّق فيه بإختصار لأوجه الظُّلم التي تتعرَّض لها المواطِنة في وطنها والمعوقَّات التي تواجهها في شتَّى المجالات، عِدا عن النَّظرة الاجتماعيَّة الى آخره من عوامل تجعل منها مواطنا درجة ثانية على مستوى الحقوق المدنيَّة وإنسانا درجة ثانية على مستوى النَّظرة المجتمعيَّة والتعاملات الإجتماعيَّة. أجد أن سؤال الكاتب لو وجَّهه لرجالات الوطن "مواطني الدرجة الأولى" لتسابقوا للإجابة ب "العين بصيرة واليد قصيرة" وربّما يجيب البعض الآخر منهم "عين في الشَّحمة وعين في اللّحمة". لا استطيع أن أجزم بأن أحدهم لن يجيب بأنه لن يهاجر فقط لأنه لايريد، وأنه يحب الحياة هنا بين أحضان الطَّبيعة الخلاّبة، والأمطار التي تُخلِّف بريقاً وعبقاً لا سيولآً ومستنقعات، والمِهن الواعدة التّي يتساوى فيها القبلي والحضري والقريب والبعيد، والقيادة الآمنة في الشوارع السَّلِسة، ناهيك عن الحدائق العامَّة والحفلات الموسيقيّة والنَّوافير الرَّاقصة. في تقديري الخاص من منهم لا يريد الهجرة هو واحد من ثلاثة: أولهم له حظوة سياسية أو قبلية ومميزات وتسهيلات، والثَّاني مُصاب بفوبيا التَّغيير، والثَّالث وطنه حيث أهله. غير ذلك لا أعتقد أن يتردَّد بالهجرة من ينجح في تأمين وظيفة في الخارج. ومن ينفي ذلك لعلَّه يلقي نظرة على أعداد السعوديين الخارجين في كل إجازة من أطولها الى أقصرها بدون استثناء العطل الأسبوعية، وليقارنها بأعداد الخارجين من أي بلد آخر! وقبل أن أنسى: الحمدلله ألف مرة على نعمة الأمن والأمان. أما نساء الوطن "مواطنات الدرجة الثانية" فأنا أتَّفق مع الكاتب حينما أقول بأنهم أحوج للهجرة بالنَّظر الى حالهن، لكن مرة أخرى "العين بصيرة واليد قصيرة" وكيف تُهاجر النساء بينما صك السَّفر بيد الرِّجال! وبِلُغة العَريفي الأقرب للعامَّة: كأنك تريد للدَّابَّة أن تقصد المرعى بينما تربطها في شجرة! الحرِّية وطن والكرامة وطن.. نعم، لكن لا تنسى يا عزيزي بأن الأهل كذلك وطن، والذكريات وطن، والبيت وطن، والشارع حيث نشأنا وطن،، ولا تستسهل صعوبة الاختيار بين وطن ووطن. سنظل نساء الوطن بقينا أو ارتحلنا ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر. @tamadoralyami [email protected]