يقول المولى عز وجل : " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ، إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ " صدق الله العظيم بالعلم نبني الإنسان ويزدهر المجتمع ويتقدم الوطن ، وبالعلم نتفوق على الأعداء والمتربصين ، وبالعلم وحده نحافظ على التاريخ والهوية ونضمن استمرارية الانجازات وصون المكتسبات، فكم من أمة ضاع إرثها الحضاري حين استشرى الجهل بين أبنائها وصارت الخزعبلات والأوهام هي الأصل في معالجة المشاكل والمعضلات ، حتى أصبحت عاجزة عن اللحاق بركب التطور السريع في العلوم والتقنية وباتت شعوبها تستهلك ما لا تصنعه وتأكل مما لا تنتجه .ولكن عندما تتحقق الثورة العلمية المنشودة نستطيع من خلالها أن نذلل الصعاب التي تواجه الناس ونوفر حياة أكثر رخاء وسعادة للبشرية ، ولعل اكتشاف لقاح مرض الجدري الذي كان يفتك بالملايين ، في أواخر القرن الثامن عشر على يد العالم الانجليزي ادوارد جينر (Edward Jenner قد سجل أعظم انجاز طبي وخلص الشعوب من آلام هذا المرض المخيف ، وأسس لعلم المناعة الحديث .وفي القرن العشرين كان للعالم البريطاني ايلان تورينغ (Alan Turing مؤسس علم الحاسوب أثره الكبير في تحول الناس نحو الاستخدام الالكتروني في انجاز معاملاتهم اليومية وحفظ ملفاتهم ، بعد أن كانت الأوراق والكتابة اليدوية وتخزين المعلومات في السجلات ، تأخذ من وقتهم الكثير وتحتل حيزاً في المكان ، ومع مضي الأيام والسنين يهترئ الورق وتمحى المعلومات ، حيث كان ايلان عالماً في الرياضيات والتشفير ومهتماً بعلم الخوارزميات المستخدمة في الكمبيوتر، واستطاع في عام 1948 م أن يصنع أول حاسب إلكتروني قابلاً للبرمجة وجاهزاً للعمل مستنداً في اختراعه إلى نظريات الذكاء الصناعي وعلى تطبيقات النظرية الرياضية للظواهر البيولوجية. أما العالم تيم بيرنيرز- لي ( Tim Berners-Lee) الذي طور المعايير الأساسية للشبكة العنكبوتية (الانترنيت / HTTP-HTML ) ، ساهم في تغيير سبل التواصل بين الناس وجعل العالم يعيش ضمن قرية صغيرة يتداول المعلومات والأخبار ويتفاعل مع الحدث دون عناء الانتظار أو فوات الأوان .. وقد رأينا في التاريخ العالمي للأمم ، كيف نهضت الدول بفضل علمائها ومفكريها وكيف استثمرت في عقول مبدعيها ، وما نتمناه لوطننا الغالي ولأمتنا العربية أن تأخذ دورها بين الدول ، وتستعيد عافيتها ،فقد حان الوقت لأن تنهض من كبوتها وتسهم في إعمار الأرض ومن عليها ، بهمة وعقول أبناءها المبدعين ورجالها المخلصين ، فالطلبة ذوو التأهيل العالي الذين ابتعثوا للدراسة في الخارج يقع عليهم واجب العودة وخدمة بلادهم وإنماءها والعمل على نقل وتوطين الخبرة والمعرفة فيها وعدم الاستجابة لمغريات العمل والاستقرار في الدول المتقدمة التي تعلموا فيها ، كما يقع على الدولة مسؤولية استقطاب تلك الكفاءات العلمية وتشجيعها على عدم الهجرة وتوفير البيئة العلمية الجاذبة والحياة المعيشية الكريمة التي تحفزها لأن تزيد من عطاءها وتخلق العديد من الاختراعات وتتفوق على كثير من المنافسين ، وحينئذ ينمو الوطن ويزدهر بعلم وسواعد أبناءه ، فهو الهدف وهو المرتجى .. يقول الرسول الكريم : لا بورك لي في شمس يوم لم أزدد فيه من الله علماً " قال الإمام الشافعي رحمه الله : ومن لم يذق مرّ التعلم ساعة …. تجرّع ذل ّ الجهل طول حياته Twitter:@bahirahalabi