كلمة عشرة يحب استعمالها كثيرٌ، فهناك الوصايا العشر، والعشرة المبشرون بالجنة، ولفت نظري بحث في الطب عن أهم عشرة سبروا غور الجسم الإنساني ووضعوا أيديهم على أهم أسراره، فمن هم؟ لعل (ليوناردو دافينشي 1503) والطبيب الإسباني (سرفيتيوس) والمشرح الإيطالي (فيزاليوس) كانوا أول من قام بتشريح الجسم ومعرفة جغرافيته. يأتي بعد ذلك (ويليام هارفي 1628) الذي كشف أين يجري الدم فقد كانت العقيدة السابقة أن الدم ينتج في الكبد، فحدد هارفي من أين يخرج وإلى أين يذهب، وأكمله (مالبيكي) الذي حدد نهاية الدورة في شبكة الأطراف، حيث تتعانق الوريدات والشرينات الصغيرة كما تلتحم نهايات أسلاك الكهرباء. بعد هارفي ب168 عاماً جاء (إدوارد جينير1796 EDWARD JENNER) في عاصفة الجدري التي أصابت أوروبا في القرن ال18 فلسعت أربعين مليوناً من الأنام مات واحد من كل ثلاثة بها. قام جينر بتطعيم الناس بلقاح من جدري البقر فنجا الناس ليصل إلى قانون التلقيح المعمول به حتى اليوم. وحالياً نلقح الأطفال ضد فيروس شلل الأطفال فلا يصابون، كله من القاعدة التي انطلق منها جينر ويقال إنه نقلها عن الأتراك. ولعل هناك بقايا من مرض الجدري نراهم وقد تحولت وجوههم إلى ما يشبه سطح القمر من الحفر فضلاً عن العمى. وكان الرابع (رودولف فيرشوف 1858) الذي أسس لعلم جديد في التشريح المرضي فشرح أكثر من ألف جثة، ليقول إن المرض هو من خلايا تعرضت للآفة. أما الخامس فكان الراهب الأوغسطيني (جريجور مندل 1865) الذي كشف عن قانون الوراثة وكيف تنتقل الصفات عبر الأجيال، ليكملها لاحقاً علم الجينات. وكان السادس (روبرت كوخ 1876) الذي بحث في الجمرة الخبيثة وهي من أعتى الأمراض ليقول إن سببها هي الجرثومات، وكان ذلك من خلال تجربة ميدانية حين أخذ الجراثيم الممرضة ولقح بها حيوانات سليمة فانتقل لها المرض. وفي عام 1895 نجح (فيلهلم كونراد رونتجن) في الكشف عن الأشعة السينية ومازالت الصورة الأولى ليد زوجته وفيها خاتم الخطوبة تحفة تاريخية. بقي أن نقول إنه احتاج 25 دقيقة ويد زوجته تحت الأشعة حتى طلعت الصورة، ولم يكن يعلم أحد بالآثار الجانبية السرطانية للأشعة. وفي النهاية نذكر الثنائي (ويليام بايليس وأرنست ستارلينج 1902) اللذين كشفا عن ذلك العصير السحري الذي تفرزه غدد الجسم إلى الداخل فسموها الهورمونات، فكانا بحق سيديْ الهورمونات. وفي عام 1906 استطاع (شارلس شيرنجتون) الكشف عن الجهاز العصبي وكيف يعمل. وفي عام 1961 استطاع من الحلقة العاشرة في الكشف كل من (هاينريش ماتاي ومارشال نيرينبيرج) في الكشف عن أهم حجر في بناء الكود الوراثي، وأنه يقوم على أربعة حروف فقط، من أربعة أحماض نووية، وفي 64 احتمالاً للنقل من النواة إلى الجسم. لا يعدّ هؤلاء العشرة سوى عشرة خطوات في طريق طولها أميال لا نهاية لها، ولَخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون.