توجد في عالمنا العربي بصفة عامة، ملاحظة تتعلق بعدم إيمان البعض بجدوى العلاج النفسي، وهناك ضبابية لدى الكثيرين حول مراجعة الطبيب النفسي لمعالجة سلوكيات خاطئة، لكننى أعتقد أن سبب مثل هذا اللغط ضد علم له دوره فى كافة المجتمعات الإنسانية، يعود إلى المؤسسات الرسمية الفاعلة في أي مجتمع، فهذه المؤسسات بعيدة أيضاً عن الاستعانة بالطب النفسي، وخبراء الاستشارة النفسية، على رغم أن عملها يتمحور حول الإنسان نفسه، الذي قد يكون علاجه نفسياً فى بعض الأحيان، أما البعض الآخر خاصة من المراهقين فيحتاجون بالفعل إلى تقييم حالتهم النفسية، ومعالجة بعض الاختلالات الخاطئة في سلوكياتهم، قبل استفحالها وتناميها، ومن ثم تحولهم إلى مجرمين. لكنني أيضاً أعتقد أن هناك سبباً آخر يتعلق ببعد الطب النفسي من الأوساط الاجتماعية، وطرح نظريات وآراء دون تعمق، يظهر أنها بعيدة عن السياق الاجتماعى، حيث قرأت قبل فترة موضوعاً في أحد المواقع على شبكة الإنترنت، يقول إن علماء النفس حددوا عدة ملاحظات عامة، إذا ارتكبها أي فرد، فإنها مؤشر على أنه مريض نفسياً، وقد تم سرد عدة سلوكيات، وأترك لكم الحكم، وهي: «عدم احترام القوانين والأنظمة والقيم الاجتماعية، انتهاك حقوق الآخرين، عدم القدرة على التعاطف مع الآخرين، عدم الاعتراف بالأخطاء، الانفعال السريع، التظاهر بالتعاطف مع عدم امتلاك الحس الوجداني، عندما يريد الشخص الإقدام على أي جرم يضع الخطط الذكية ويشكل فريقاً من أمثاله، كراهية الطبيعة، لا سيما الحيوانات، وإلحاق الأضرار بها كلما سنحت له الفرصة، التصرف بحقد وحب الانتقام، وضع الأنظمة التي تتماشى مع هواه، الضغط على من حوله للانقياد تحت تلك الانظمة». وينتهى الخبر بتأكيد على أنه فى حال وجدت أي من هذه السلوكيات أو الصفات في الشخص فهو مريض نفسياً، ويجب عليه مراجعة طبيب متخصص في العلاج السلوكي وطلب العلاج. وعلى رغم أن كل هذه السلوكيات مرفوضة وخاطئة، فإنني أخشى أننا في عالمنا العربي، إذا سلمنا بها، فإننا سنجد أن معظم شعوبنا مرضى نفسيون، وهنا لن يكون لدى جميع أطباء العالم المتخصصين في العلاج النفسي، الوقت الكافي لتقديم العلاج، وفق هذه الأعداد، خاصة إذا علمنا أن الطب النفسي يعتمد على جلسات علاج طويلة، تكلف مبالغ كبيرة. وقد وجدت دراسة في مجال علم النفس، تقول: إنه عندما يكون الشخص أكثر شجاعة، ويتحدث أمام نفسه من خلال المرايا، فإنه سيصبح أقوى نفسياً.. لذا فإنه يجب على جميع من يرتكبون هذه السلوكيات الخاطئة التوجه نحو المرايا، والتعهد بعدم ارتكاب تلك الأخطاء، وقد يكون في هذا الشفاء النفسي.