سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحت مُسمى (المس بالجن) ... مرضى نفسيون يتعرضون للضرب والخنق والصعق الكهربائي ! منظمة الصحة العالمية تؤكد أن الأمراض العقلية والنفسية هي التي تؤثر في العقل وتقود إلى سلوكيات غير طبيعية2/2
كنّا قد تحدثنا في الأسبوع الماضي عن بعض ما يحصل في العلاج النفسي من قِبل بعض غير المتخصصين في هذا الأمر وكذلك الأخطاء التي يقوم بها بعض الرقاة من تجاوز حدود العلاج إلى إيذاء بعض المرضى في بعض الحالات، في هذا الاسبوع نستكمل موضوع المقال ، لاسيما كما ذكر فضيلة الشيخ في رسالته بكثرة المشعوذين ، وهذا أمر في غاية الخطورة ، فمن هو الشخص الذي يقوم بالرقية أو العلاج من السحر والمس والعين ، وماهي مؤهلاته العلمية ؟ وكذلك ماهي المواصفات الشخصية والخاصة التي يجب أن تتوفر في الشخص الذي يقوم بالرقية ، وقد سمعت من فضيلة الشيخ عبدالمحسن العبيكان بأن أفضل شيء أن يُرقي الإنسان نفسه ، ولا بأس أن يقوم بذلك شخص عُرف عنه التقوى على ألا يكون هذا بمقابل يطلبه الراقي ، وألا يؤذي الراقي المريض الذي يقوم برقيته. وللأسف كما ذكرت في مقالي الذي أشار إليه فضيلة الشيخ اللحيدان بأن هناك أرواحا أُزهقت من قِبل المشعوذين بسبب الإيذاء البدني للمريض نظراً لجهل المشعوذين ، خاصةً وإنه لا توجد جهة مختصة تمنح الأشخاص الذين يُمارسون علاج الأمراض النفسية والعقلية والتي يتم تشخيصها عند المشعوذين بأنها إما مس أو سحر أو عين ، وهناك خلط في تشخيص هذه الأمور ، حيث إن أكثر المعالجين الشعبيين يُشخّصون الشخص بأنه ممسوس و مسحور وبه عين ويتم علاجها بطريقةٍ خاطئة ، وهو ما قصده فضيلة الشيخ في قوله :" كثرة المشعوذين .. وبعض المضطرين من المتلهفين إلى العلاج وبحكم جهل (بعض الرقاة) يتم الخطأ الجليل ، وفي هذه الحالة أرى أن يتحمّل الراقي الجزاء المترتب على الخطأ الذي وقع فيه بعد تكوين لجنة متخصصة في مثل هذا". نعم إن هناك أخطاء للرقاة الذين يستخدمون العنف في محاولة إخراج ما يُدعى بدخول جني إلى إنسان ، وهذا بالتأكيد نظراً لجهل المُعالج الذي دخل هذا المجال دون تأهيل ولا دراية أو علم بما هو يفعل ، وربما يكون سمع أو رأى من يقوم بهذا العمل وظن أن هذه هي الطريقة لعلاج المرضى النفسيين والعقليين وأن كل سلوكيات غير مُنضبطة هي من الجن أو السحر أو العين ، دون أن يُفكّر بأن هذه السلوكيات و هذه الأعراض قد تكون أعراضاً لأمراض عقلية أو نفسية . وللأسف أكثر من يقُال بدخول الجن فيهم هم من النساء ، وقد يؤذي الراقي المريض إيذاءً بدنياً جسيماً وقد يموت المريض وهو تحت الضرب أو بالصعق بالكهرباء أو أي إيذاء بدني آخر. وكما يقول فضيلة الشيخ اللحيدان بأنه يجب أن تُشكل لجنة متخصصة في هذا الأمر و تقوم بمُعاقبة الراقي الذي يُخطئ ويؤذي المريض النفسي أو العقلي ، لأن المُعالج ضامن ، كما هو الحال مع الأطباء ، فحين يُخطئ الطبيب ويؤذي مريضا فهناك قوانين لعقابه تشترك فيها جهات قضائية وطبية متخصصة. ولكن للأسف فإن أهل المريض النفسي أو العقلي الذي يموت تحت التعذيب من محاولة إخراج الجن منه ، يتسامحون مع المشعوذ وقد يلقون باللوم في موت قريبهم أو قريبتهم على الجني. المُعالج ضامن من الخلط أيضاً ما سمعته من أحد طلبة العلم في التلفزيون في نفس البرنامج وهو يحمل الماجستير من جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية وهو يقول بأن الأمراض النفسية لا تؤدي إلى التأثير على العقل ، بل تؤثر على الجسد وإنما الجن و المس هو الذي يؤثر على العقل وأن علاج الاضطرابات السلوكية الناتجة عن الأمراض النفسية والعقلية تتم بالرقية ، وأظن أن هذا الكلام بحاجة لمراجعة ، لأنه في جميع أنحاء العالم وحسب منظمة الصحة العالمية والجمعية العالمية للطب النفسي فإن الأمراض العقلية والنفسية هي التي تؤثر على العقل عند البشر وتقود إلى سلوكيات غير طبيعية ، هذا الأمر مقنن وهناك تقسيمات دقيقة للأمراض النفسية والعقلية تسير عليها تقريباً جميع دول العالم من حيث التشخيص والذي بالتالي يقود إلى التأثير على سير العلاج نتيجة هذه التقسيمات الطبية للأمراض العقلية والنفسية ، ومرض مثل الفُصام والذي أثبتت معظم الدراسات بأن هناك تغيّرات عضوية سواء في تركيب الدماغ وكذلك اختلال في كيمياء الموصلات الكيميائية العصبية في الدماغ مما يؤدي إلى الأعراض التي تظهر في مرض الفُصام وبناءً على التشخيص يكون العلاج بالأدوية المضادة للذهان والخاصة بعلاج مرض الفُصام ، وإلقاء اللوم وأن المسبب للاضطربات العقلية هو نتيجة المس ودخول الجن في الإنسان وهو أمر ليس من السهل التأكد من ذلك ، خاصةً وأن بعض العلماء لا يُقّرون بذلك ، ولكن ليس موضوعنا هنا هو الدخول من عدمه ، وإنما ما يتعرّض له المرضى النفسيون من إيذاء بدني خطير قد يقود إلى عاهات أو الوفاة ، وهذا أمر لا يستطيع أحد أن يُنكره . لذلك على الشخص الذي يظهر في جهاز هام مثل التليفزيون أو الإذاعة ويقول كلاماً قد يجعل الناس مشوشين وضائعين في ماهي مُسببات هذه السلوكيات الغريبة و الأعراض الغريبة التي تصدر من المرضى العقليين أن يكون دقيقاً ومراجعاً لكل كلمةٍ يقولها لأن هذا قد يقود إلى اللبس والخلط في تفسير المرض النفسي والعقلي و بالتالي التأثير على اختيار الأهل لطريقة العلاج والتي جعلت كما ذكرنا أكثر من 86% من المرضى النفسيين يذهبون للعلاج عند المشعوذين أو الأشخاص الذين ليس لهم علاقة بعلاج المرض النفسي. مرض الفُصام مثلاً يسمع المريض الذي يُعاني منه أصواتا تُكّلمه ، وهذا ما يُفسّره بعض المعالجين الشعبيين وأحياناً القراّء بأنه صوت جن وهذا غير صحيح ، فهذه الأصوات يسمعها المريض في الرياض ويسمعها مريض الفُصام في واشنطن أو موسكو أو المكسيك أو برلين وتقريباً بنفس المعنى الذي يسمعه المريض العربي باللغة العربية يسمع ذلك المريض الأجنبي نفس الكلمات باللغة الأجنبية التي يتحّدث بها. وهذا ما يُفّسر كثرة الأشخاص الذين يتم وصمهم بأنهم ممسوسون وأن بداخلهم جنيا ، وهذا يُطلق العنان للقراّء والذين تكاثروا ومنهم الجاهل الذي يؤذي المريض ومنهم المشعوذ الذي لا يفهم معنى هذا المرض النفسي و يقوم بالضرب والخنق والصعق بالكهرباء بغية إخراج هذا الجني ، الذي تُرتكب باسمه جرائم لا تُعد ولا تُحصى ، وللأسف فإن هناك من يقبل بارتكاب هذه الجرائم تحت مُسمى غيبي هو دخول الجن في المرضى النفسيين والعقليين. بحاجة الى طبيب نفسي ثالثاً: الطب النفسي التجاري ، كما ذكر فضيلة الشيخ في رسالته حيث قال "هذا عليه بعض الملاحظات لأنه يعمد في الغالب إلى المادة دون دقة جيدة في التشخيص الاكلينكي ودون متابعة". أتفق تماماً مع فضيلة الشيخ في موضوع الطب النفسي في القطاع الخاص ، ولكن لا يمكن أن نُعمم ولكن حقيقةً ، أسمع ويأتيني مرضى من العيادات النفسية الخاصة عن سوء ممارسة من أطباء مشهورين ، حيث لا يستغرق المريض عند الطبيب سوى بضع دقائق يتم فيها التشخيص ووصف العلاج ومن ثم تحويل المريض أو المريضة إلى أخصائي غير طبيب ، حيث أصبح هذا هو الديدن للأطباء النفسيين ( ليس الجميع طبعاً) ، وحتى المريض لو رغب في الاستفسار عن العلاج أو أي معلومة عن المرض أو الدواء ، فإن عليه أولاً الذهاب للعيادة ودفع مبلغ غير قليل لكي يتم له الاتصال بالطبيب المُعالج وهذا في نظري منتهى سوء ممارسة الطب النفسي و استغلال لحاجة المرضى ولكن " من أمن العقوبة أساء الأدب!". رابعاً: يقول فضيلة الشيخ " سيطرة الوهم التلقائي أن كل مرض من : كآبة.. أو اكتئاب أو ذُهان أو فُصام...الخ ، إنما هو مس فتكون نتيجة هذا إيذاء المريض وزيادة حالة مرضه ولعله فعلاً يتوّهم (لا شعورياً) أنَّه مريض بكذا ، أو هو مُصاب بكذا". ما قاله فضيلة الشيخ هنا في غاية الأهمية ، لأن الوهم والتوّهم وكذلك الإيحاء بأن جميع الأمراض هي مس ، يُعزز هذا الأمر ويؤكد ذلك الممارسون من قراّء وكذلك من يعملون في هذا المجال ممن يدّعون إخراج الجن ، برغم أن هناك تشخيصات طبية لمثل هذه الأمراض ، ولكن وصف جميع الأمراض النفسية بأنها مس – كما ذكر الشيخ – فيه إيذاء للمرضى النفسيين الذين يتعرّضون للضرب والإيذاء البدني الذي يكون مؤذياً بشكلٍ كبير ، وقد كررنا ذلك في هذا المقال عدة مرات ، نظراً لأهمية حماية المرضى النفسيين. إنني إذ أشكر فضيلة الشيخ صالح بن سعد اللحيدان ، وأضم صوتي إلى صوته في تقنين من يقوم بالرقية والقراءة ومعُالجة المرضى النفسيين ومعاقبة من يثبت أنه قام بإيذاء المرضى بدنياً ، أو أنه مارس هذا العمل دون معرفة أو علم بما يقوم به. يستخدمون العنف في محاولة إخراج ما يُدعى بدخول جني إلى إنسان