لا يقتصر الفرح على العيد فحسب لأن الفرح جزءً لا يتجزء من حياتنا ، فكلما مرت الأيام والأشهر والسنين تقدم بنا العمر وكبرت معه أحلامنا و آمالنا وإلحاحنا على العيش حتى آخر رمق في هذه الدنيا التي لا تسير على وتيرة واحدة فتأخذنا معها بحلوها ومرها ولا تأخذ منا أي شيء. تُرى كم يوم مضى عليك لتعرف فيه قيمة الحياة ؟ وكم من السنوات أخذت من عمرك لتعلمك كيف تحبها وتعيشها وتسايرها وتقبل عليها بدلاً من أن تعطيها ظهرك ؟! ما دعاني لهذا الحديث التأملي موقف حصل في الأيام الماضية حيث كنت أجلس في أحد الأماكن بالقرب من شاطئ البحر مع مجموعة من الصديقات ، فهمست احداهن في اذني قائلة:" ريهام التفتي خلفك (لا يفوتك) نصف عمرك"! فارتفع (هرمون اللقافه) والفضول في دمي فالتفت لأرى الشيء الذي أشارت إليه وقد يفقدني -كما زعمت- عدم رؤيته نصف عمري (اسم الله على عمري) ، فرأيت رجلاً هَرماً ومُسناً جداً وهزيلاً تقدم به العمر إلى أرذله ورسم على تفاصيل وجهه تجاعيد السنين ، كان يقود (قولف كار) ويستمع وهو مُستمتع إلى موضي الشمراني مع إشراقة الصباح بدلاً من فيروز ، كل هذا رأيته وصورته وحكمت عليه بأنه عجوز مُتصابي أو مراهق على كبر ! غير أن ما فاجأني عندما اقترب وألقى التحية علينا أسطوانة أو "أنبوبة الأوكسجين" التي كانت بجواره وكانت ممتدة إلى أنفه لتساعده على التنفس ! فرددت عليه تحيته بأحسن منها لأن إقباله على الحياة بكل هذا الحب والتصالح وكل هذا الشغف قد آثار فضولي. فكيف لرجل في مثل عمره وحالته الصحية أن يكون بمثل هذه الروح المرحة المُقبلة على الحياة كأي شاب في ربيع شبابه ، حينها لم أتمالك نفسي فسألته : ما سر بهجتك وإقبالك على الحياة ؟ فقال لي : لو كنت أملك "عُمرين" يا ابنتي لما أكترثت بما تبقى من هذا العمر لأعيشه ، لكني عشت تعيساً طوال السنين التي مضت من عمري ولهذا قررت أن أموت سعيداً على الأقل. وفي الحقيقة رده لقنني درساً لن أنساه وجعلني أعرف وأدرك قيمة الحياة اكثر واكثر ، وأزداد إصراراً بنصح بعض (الأغبياء والغبيات) من حولي الذين يموتون ألف مرة اذا فارقهم حبيب أو لم يتزوجوا أو لم يقتنعوا بما يملكون!. العمر مرة فلا تضيعوا سنواتكم في هم وغم ، بل استغلوا كل لحظة من أعماركم وعيشوا كما تحبون ، ومن يعرف منكم طريق السعادة فليسلكه بكل السبل الممكنة. @rzamka [email protected]