من المواقف التي يصعب وصفها هو موقف الوداع.. "الوداع" تلك الكلمة التي قد تنطق من الموادعين، وقد لا تنطق، وإنما سيناريو الموقف ينطقها كثيراً، وكثيراً جداً.. وأصعب الوداع هو مايكون بعد العشرة الجميلة بين الأحباء، تكون مثل من ودّع ميتاً، فهو لا يرجي لقاءه أبداً في هذه الحياة التي لا ينغص جمالها إلا مثل هكذا موقف أقل مايتصف بالفاجعة التي تغيّر من نفسية الإنسان في حياته، وقد يمتد لبقية العمر.. تمتد قسوته في الأماكن والأزمان التي تعيش ذكراه المؤلمة في الذاكرة التي تضيع وتضيع وهي مازالت مكانها.. لنقرأ الوادع في إحساس بعض الشاعرات تقول إحدهن: توادعنا بعد عشرة سنين وكلٍ أقفى وراح وداع الحي للميت وأقفى بعدما اقفينا أصدّق لحظة ولحظات أحس إن الكلام أفراح وأروح لدربنا اللي حافظٍ ذكرى تلاقينا لعل الدرب صدفه يستريح ويجمع الأرواح ولكن السراب يشتّت الصدفه ويشقينا زمن ياضيعة الفرحة زمن ياضيعة الأفراح يقرّبنا ويبعدنا يضحكّنا ويبكينا عديل الروح فارقني وبعده ماقويت أرتاح أقلّب دفتر الذكرى وأجدد كل مافينا كتمت السرّ عن عيني ودمعي لو ذرفته باح عصيت الدمعه اللي لو تهامت بان شي فينا توادعنا بعد عشرة سنين وكلٍ أقفى وراح وداع الحي للميت وأقفى بعدما اقفينا الوداع كما قرأنا.. يشكّل سراً من أسرار المرأة التي تكتمها عن البوح حتى بعينيها.. ولكن السرّ أحياناً يكون مثل الوحش الجامح الذي قيّد بالقيود الحديدة الثقيلة والشديدة، ينتفض انتفاضة قويّة، كي يعرف سبب كل ماحصل له، أو شيء يتسلى به على الأقل، يريد الحقيقة في كليهما مهما كانت قاسية.. مهما كانت جارحة.. مهما كانت مبشّرة.. مهما كانت خيّرة.. مهما كانت متناقضة.. مهما كانت هاوية، وفي هذا تقول شاعرة أخرى: ياليت أنا عندي لفرقاك تفسير أو ليت أنا عندي لفرقاك سلوى ودي على قطع الوصل أي تبرير لو كان في علومك ثمانين بلوى! كم مرةٍ تجرح ويجي منك تقصير جرحٍ سطى بالنفس ماعاد يقوى إبعد عسى فرقاك منها تباشير نبغي الفراق اليوم مافيه ملوى إبعد وأنا ببعد عسى شايفٍ خير لا فايد عنادٍ ولاتفيد رجوى مانتفق مهما خذتنا المشاوير وأي اتفاق بعده القاع تطوى الوداع قد يكون هو الحل الأمثل والأفضل لكلا الطرفين، ولا مانع أن يكون نتيجة يضعها الطرف الثاني للجفاء الذي حصل من الطرف الأول، والذي أبدى استعداده الكلي لتلك النتيجة.. هنا يكون الوداع وداعاً هادئاً بسبب ظروف قاسية تحتّمت على الجافي كي لايجرح الحبيب.. لأن لحظة الوداع مريرة، لا سيّما حين يكون الجافي قد فهم الرسالة من قبل، وأنه أصبح غير مرغوبٍ به، هنا ينسحب بهدوء وبكرامة.. مثل هذا الموقف يتفق مع سمو المرأة المثالية التي تأبى أن تدنّس عزتها وكبرياءها، ألم تقل إحداهن: تخطي وتشره عليّه يوم جافيتك واجبك لا أخطيت في حقك تخليني مافيه داعي تجيني يوم خلّيتك يومني أقفيت صوتك لا يناديني وش ذنبي اللي جنيته يومني جيتك أشغلت فكري بحبك وأنت ناسيني بحروف شعري كتبتك ثم غنيتك يوم إن حبك بقلبي عايشٍ فيني ياما تغاضيت عن جرحي وراضيتك كنت أحسبنك هناي وراحة يديني وأصبحت حلمٍ تبدد يوم ناديتك مافيني أرجوك منك اليوم مكفيني وش عاد أبا ارجي ليا مني تناسيتك خلاص أبا انهي غرامٍ بينك وبيني عهدٍ عليّه لاموت ولا ترجيتك مافيه داعي بغلطاتك تواسيني الوداع هو الحل الأمثل كما أسلفت، حين تكون المرأة قد قدمت كل شيء، من أجل عدم حصول هذه النتيجة، أما في حال عدم حفاظها من قبل الرجل، فالمرأة هنا تنسحب بهدوء حتى مع احتفاظها بالحب بقية عمرها، لأنه لا سلطان على القلب، لكن المرأة سلطانة على كرامتها: والله ما أرجي نظرةٍ منك يمي دامك خذيت أغلى السنين بحلاها ترقص لك الفرحة على عود غمي وأقول بايع عشرتي من وطاها منك الزمن سطّر عناوين همي وشابت ضلوعي من الهموم وغثاها ياما سقيت زهور فرحك بدمي وتركت عمري لاجل روحك فداها وياما لجمتْ صرخة غضب منك فمي خفيتها من خوف تسمع صداها باعيش أحبك بس لا تعود يمي ولامت أدفن مع سنيني هواها هذا ماباحت به إحدى النساء، أما الأخرى فلها مع الوداع قصة مبكية، قصة يصرخ به قلبها.. هنا الوداع تكون المرأة مجبورة عليه من قبل العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان.. هنا وداع مؤلم حقاً.. قصة حب لم تكتمل.. قصة صراخ في لحظة الوداع.. لحظة الموت.. وداع لم يحظره الحبيبان، وإنما حظرت فيه المشاعر الصادقة: ياصاحبي لا تبارك لاتهنيني ما أحب روحك بها الموقف رياضيّه قم عزّني أو عسى الدنيا تعزّيني لا من فقدتك وغيرك شابك ايديّه لازلت ذيك الجزوع اللي تبكيني نظرة وداع وتستدعي الشجن فيّه لاقلت: أحبك، ولا أحدٍ غيرك بعيني قالوا: غريره، ضعيفة راي وبنيّه! أمشي معاهم وتذكارك يباريني كنّه غريسة رجا بالشوق مرويّه يا مكتشف منجمٍ للعاطفه فيني وطيت فيضه مهي قبلك بماطيّه أنا قصيدة وشعرك راح يرويني ترجيع مسحوب وتنهيده هجينيه ياغمّة الحب علّك ماتعديني روحٍ تحبك شرف تبقى شقاويه! تناثرت من مراكب عمري سنيني وذابت صحيفة هوى ماهيب مقريّه كن السعاده أناملها تعاديني وكن الفرح كارهٍ لدروبنا الجيّه لاتقول تلهين بالدنيا وتنسيني وشلون أبنساك ولحبك أنا حيّه قم عزّني ما حدٍ غيرك يعزيني قلبي التفت لك وغيرك شابك ايديّه