كل أسرة تقوم على التفاهم وتبادل الأدوار بين الرجل والمرأة، إذا فقد هذا التفاهم، تحول الكيان الأسري لشد وجذب، وبالتالي لن يجد الرجل أو المرأة الراحة الجسدية أو النفسية، وتبعاً لذلك تزداد الهوة بين الطرفين، وتصبح أي مشكلة عابرة وبسيطة ضخمة وشديدة الوقع. والسبب ببساطة متناهية يعود لانعدام التفاهم والحوار بين الطرفين، ويصبح كل طرف يعاقب الثاني إما بالتجاهل كما يقال، أو عدم الاستجابة لتلبية حاجاته المختلفة. يشبه ما يقع بالحرب الباردة، ولكن هناك صورة أكثر قتامة قد يصل لها حال الفريقين المتخاصمين، وهو الانفجار ووقع العراك، ثم في نهاية المطاف القطيعة والانفصال. ولو عدنا للوراء قليلاً، لو جدنا مرد هذا جميعه خلافات عابرة متواضعة تقع في كل بيت، وبين أي طرفين زميلين في العمل، أصدقاء في رحلة، فكيف هو الحال بين الزوجين، تجمعهما جملة من الهموم والواجبات الحياتية التي أحياناً تكون قاسية، وتتطلب مرونة وتفاهماً وأن يساعد كل طرف الآخر. تداعت لذهني مثل هذه الكلمات، وأنا أستمع لشكوى صديقة من خلاف وقع بينها وبين زوجها، والسبب تذمره من تسوقها الدائم، كانت تبرر وتقسم أنها عند نزولها للسوق لا تتبضع بأكثر من مئة إلى مئتي درهم، وإذا افترضنا أن هذا متوسط صرفها اليومي، فنحن نتحدث في نهاية الشهر عن نحو ستة آلاف، ليس هذا وحسب بل هي لم تفكر بنقطة أخرى جوهرية تتعلق بغيابها الطويل يومياً عن منزلها، وعن أطفالها، كما اتضح أنهما لم يجلسا مع بعض، كل طرف صرخ في وجه الآخر ومضى، وإذا لم يعم التفاهم وأن يقوم كل طرف بسرد عيوب الآخر، فإن المعضلة ستزداد والهوة تتسع، ومع الأسف هذا الذي يحدث دوماً داخل البيوت، وبين الزوجين .. حياة دون مصارحة ووضوح.