مشاعر تود البوح .. تود أن تتحرر من ثقل الحكايا .. هنا بوح يستقرئ لاءات الرفض ويحاول .. في كل مرة يقول هنا خلل .. هنا خلل ! يصعب التصريح بأننا لاهثين في الحياة وأننا محاصرون بكل تبعات الغواية والانجراف ، سهل انقياد الروح وتعثرها حين تتبع ملذات الحياة و تنغمس فيها .. قد لا تطيب لنا الحياة لأننا في سباق محموم الوصول لنهايته ليس فوزا ! صراع محموم تعيشه أرواحنا قد لا تجد ملاذا تستكين إليه فهي من وضعت نفسها في هذا الإطار ولم تحاول الخروج منه .. الحياة لا تتوقف .. أحلامنا المشروعة نبنيها نرقب البناء يوما بعد يوم لكنه لا ينتهي ولن نستكين ، في كل مرة هناك حلم و حلم .. الأمنيات حبل لا ينقطع نمسكه ونعبر به بين سفوح الحياة نظن أننا سنصل ذروة الرضا و لن نصل ! منذ متى كنا قانعين .. حتى لو امتلكنا خزائن المال فإننا لا نتوقف عن امتلاك أخرى .. نشعر بأننا بحاجة للمزيد ! حقيقة ربما نغفل عنها أو نتغافل عنها كأننا لا نود أن نسمعها لأنها تعوقنا ولا تتماشى مع أفكارنا ! هذا الركض الدائم في الحياة وهذا العمل الدؤوب يستقطع جل راحتنا .. يسرق لحظاتنا الجميلة .. نفتقد معاني السعادة الحقيقية التي تقوم على الرضا والسكينة .. أرواحنا تتهالك يوما بعد يوم .. هذا السعي الدائم لن نخلد معه في عوالم الدعة والحبور .. حين نظن أننا وصلنا مشارف غاياتنا نسترخي ونتنفس بعمق من رحابة الحياة .. عبء حملناه على ظهورنا أحنى أيامنا وبدت شهباء رغم الرفاهية التي امتلكناها ! نود الجلوس هذه المرة والحديث مع أحبابنا ولن نجدهم مثلما كانوا تركناهم في ارتحالنا في الحياة والجمال في نفوسهم .. عدنا ولم يعد ذاك الجمال أحدبه الزمن ! آباؤنا وأمهاتنا في انتظار الرحيل .. حرموا لذة القرب منا .. هل يمكن حينها أن نستقطع مما نملك لنمنحهم ما نتمنى .. ما أقسى لوم النفس حينها وما أصعب اضطرام المشاعر حينها .. يسجى الفؤاد ألما أمام أعيننا .. نبكي ضياع العمر واللحظات التي كان بإمكاننا إسعادهم فيها .. من كان والداه اليوم ينعمان بالحياة فقد ملك سعادة قد لا تتوافر لغيره .. مشاغل الحياة تبعدنا عن أحبابنا .. أهلنا وأصدقاؤنا لهم علينا حق ، ولن نكون سعداء حين نجد صفحات أيامنا خلت من إمضائهم فيها .. كنا شحيحين تضيق أنفسنا عن مشاعر الود والترحيب بهم لم نكن نجد الوقت للمشاركة والاحتفاء .. هم بيننا الآن لكنهم غدا قد لا يكونون هنا .. مأساة الحياة أننا لا نحسن فهمها جيدا نحرم أنفسنا بأيدينا من أنس اللحظات .. عالم الماديات يأسرنا لنخوض غماره غير عابئين بمن تركناهم خلفنا ، زحام الحياة تضيق به مشاعرنا .. ننسى أن العلاقات الإنسانية هي أسمى من عالم يتزاحم بالماديات لا يتوقف .. من منا توقف واستدرك التقصير في واجباته والتزاماته .. محظوظ من تنبه في الطريق وعاد لاحتضان أحبابه أكثر ، التنافس المبالغ فيه يفقدنا كل إحساس جميل .. بالكاد نخصص يوما في الأسبوع نلملم فيه ذواتنا المبعثرة في الحياة ونلتفت لأحبابنا وأهلنا حتى أن هذا اليوم يبدو أحيانا كئيبا لا ينعتق من زحمة التواصل مع العالم الخارجي كليا .. الشعور الصادم حقيقة هو في الرحيل المفاجئ لنا عن الحياة أو في فقدان الصحة .. أن تعيش صدمة هذا الشعور وأنت منعم الآن خير من أن لا تعيشها ويعرفها أحبابك من بعدك .. مؤلمة هذه الكلمات لكنها تسترد ذواتنا المتبلدة المهاجرة مشاعرها .. لعل في المقال ما يعيد لنا القراءة الصحيحة للحياة وإعطاء الأولويات نصيبها المشروع .. والمهم فعلا أن لا يطغى الهدف المادي على القيمة الحقيقية للحياة .