( إهداء إلى روح زوجي -رحمه الله-) توالت الأيام ،وتتابعت،وتشابهت.فمرض وليد استحوذ على كل أهل البيت،والعائلة،والأصدقاء. فحتى عمرو الذي لحق بزوجته لقضاء عيد الأضحى معها،ومع الأسرة انشغل عن عطلته بمشاركة العائلة انشغالها بصهره. وذات جمعة حزينة،استيقظت شيرين،وكعادتها، كان أول من فتحت عليه عينيها وجه زوجها.لقد دأبت على فعل ذلك منذ ساءت حالته الصحية. المنظر كان مزعجا لها مع الصباح. فوجهه تورم بشكل غريب،بينما كان تنفسه يحدث صوتا شبيها بخرير المياه. سارعت إلى المطبخ بحجة إعداد الإفطار، وهي تدرك سلفا أنه لن يتناوله، بينما كانت تريد الاتصال بطبيبه الخاص لوضعه في الصورة. الطبيب حسبما أخبروها غائب!ويجب عليها أن تتصرف بسرعة. أجرت اتصالات متعددة،قبل أن تقرر نقله إلى المستشفى اتصلت بهدير التي رافقت زوجها لزيارة أهله،وقد عادت إلى الغرفة دون وعي منها. -ألوووو هدير.تعالوا بسرعة.بابا لازم يروح المستشفى حالا. – يا شيرين.أنت تحبي تضخمي الأمور.خلي الأولاد براحتهم. أنا مش رايح المستشفى.هو شوية برد وخلاص. -ماعليش يا وليد. خلينا نروح ونطمن.يقيسولك الضغط ويشوفوا أسباب البرد ونرجع البيت. ما أن حضر محمد،وهدير،وعمرو حتى تم نقله على جناح السرعة إلى المستشفى. هناك،وبمجرد وصوله،وفحصه من طرف الطبيب المناوب حتى تم إدخاله إلى الطوارئ. حاولت كثيرا إيجاد تفسير لدى الطبيب،غير أنه بدا متحفظا، واكتفى بالتصريح أن حالته حرجة جدا. اليوم الموالي كان حافلا، ومزدحما.فقد توافد الأهل، والأصدقاء لزيارته، والوقوف على الحال التي آل إليها. المفاجأة أنه بدا في هيئة أحسن. فكان يبادل الجميع الحديث، ويوزع الابتسامات، بل وصل به الأمر إلى مطالبتهم بإجلاسه على الكرسي لأنه مل التمدد على السرير. أحست شيرين بالكثير من الراحة،بل إنها بعد انقضاء الفترة المخصصة للزيارات،وانصراف الزائرين، تبادلت كثيرا من المزح، والطرف،مع الأولاد، قبل أن تلتفت إلى وليد مبتسمة. -إيه رأيك أأكلك مهلبية؟ أنا جبتهالك لأني أعرف أنك تحبها. ما أن أومأ برأسه موافقا،حتى قفزت إلى الثلاجة لتحضرها،وتشرع في إطعامه،بشغف الأم التي تطعم وليدها المريض. -أكمل الطبق يا وليد،بقالك أيام ما أكلتش حاجة. – خلاص شبعت . كانت سعيدة،ولم تكن تصدق أنه أكل. التفت صوب الأولاد، كانوا يرمقونها في صمت، وفي عيونهم كلام لم تبح به ألسنتهم. – ياللا يا ولاد لازم تروحوا الآن.روحوا استريحوا حبايبي. -لا يا ماما خلينا معاكم. أهو نسليكم شوية.. قال محمد. -تسلونا إيه؟لازم ترتاحوا.انتم واقفين من الصبح. كفاية عليكم. وبعدين أنا وبابا كمان لازم نرتاح شوية.ياللا مع السلامة ومن غير مطرود، الساعة الثالثة صباحا . ضحك الجميع ثم انصرفوا. كانت تتحرك في الغرفة جيئة،وذهابا،بينما كانت عينا وليد تتبعها في كل خطوة تخطوها.كانت قد انتبهت إلى ذلك طيلة نهارها،وليلها. لم تكن عيناه تفارقانها.هل كان يحس أنه مغادر إلى الدار الباقية، ويريد أن يشبع عينيه بها؟ أم كان يحس بالإشفاق عليها، وكيف ستكون حياتها بعد رحيله؟ كان كمسافر، أو منفي عن وطنه وهو يقف على المرفأ الأخير،ليلقي نظرة أخيرة على وطنه قبل أن يستقل ظهر الباخرة مسافرا نحو المجهول. ما أقساك أيتها الحياة. نرتوي كثيرا من مائك العذب،ونرغم على مغادرتك وفي أفواهنا ملوحة، تزيدنا عطشا، وتجعلنا نتمنى البقاء للارتواء أكثر وأكثر. نقضي العمر بين إقبال، وإدبار، تتقاذفنا الأمواج في كل الاتجاهات، وتسرقنا الحياة من أنفسنا ليمضي العمر سريعا،وفي لحظات الفراق، والوداع نتمنى لو أن العمر امتد بنا يوما واحدا،أو… ساعة واحدة! – شيرين… خفضي المكيف أنا سقعان. خفضت المكيف،ودثرته جيدا،ثم أحضرت عصيرا لعله يقوي بدنه الضعيف المنهك . وضعت الشفاطة بين شفتيه،لكنه لم يقو على مص العصير،الذي رأته يسيل من فمه. -مالك وليد؟أنت تتعرق.يارب ما هذا حتى السرير مبلل،سأغير الفراش، والغطاء. سأغير لك ملابسك،س… كانت تتحدث بهستيريا، وهو يرمقها صامتا،قبل أن تشرع في مسح وجهه وجسده بالمناديل المعطرة.كانت حركاتها عصبية ،وسريعة،وغير مركزة. -وليد كلمني… رد علي… ما تخوفنيش أرجوك. لم تجد منه إلا نظرة غائرة تقول: أنا سامعك .. سامعك. حين تعجز الشفاه على النطق،تخلفها العيون لتكون أبلغ سفير.فقد قرأت في عينيه تاريخ عمر،وقصة حياة. راحت تتحسس كل جسده،وتقبل جبينه لعلها تطمئنه وهي تتمتم: ما تخفش يا وليد أنت كويس. بكرة /إن شاء الله/نشرع في الغسيل الكلوي وتسترجع عافيتك،ونرجع بيتنا. إلى أن وصلت لصدره، فصدمها أنه ساكن لايتحرك منه شيء! اضطربت وهي تلقي نظرة على وجهه، ثم تحسست قلبه فوجدته لا نبض فيه.فنظرت إليه قائلة: في ايه مالك .. لا لا اصحي لا لا وليد كلمني ارجوك ارجوك .. أنت كويس .. لاااااا متسيبنيش وحدهما عيناه كانتا تجيبانها: انا سامعك وسأظل معكٍ لا تخافي حبيبتي. احتضنته وقبلت كل جزء في وجهه – أنا مقصرتش معاك ، صح ؟ أنت راض عني ويا للمفاجأة، فقد ارتسمت على وجهه ابتسامة رحل وليد في هدوء، وترك لها رسالة منقوشة في عينيه، لا يستطيع غيرها قراءتها: حبيتي…إن غاب جسدي عن عالمكم هذا،فإن روحي ستبقى.فالأجساد تفترق،لكن الأرواح تبقى متعانقة… متحابة… فقط لا تنسيني . ( كان لك معايا اجمل حكاية فى العمر كله سنين بحالها ..ما فات جمالها..على حب قبله سنين ومرت زى الثوانى فى حبك انت وإن كنت أقدر أحب تانى أحبك انت كل العواطف الحلوة بينا كانت معانا حتى فى خصامنا وإزاى تقول أنساك وأتحول وأنا حبي لك أكتر من الاول واحب تانى ليه وأعمل فى حبك إيه ده مستحيل قلبي يميل ويحب يوم غيرك أبداً أهو ده اللى مش ممكن أبداً) النهاية