في زمن الكوارث والأزمات لا يتهيأ للمجتمع الطاقات البشرية الكافية للحؤول دون تفاقم الوضع وتردي الأحوال ولا بد من متطوعين يتشاركون في المسؤولية مع الجهات الرسمية ويؤدون واجب الدفاع عن الوطن وإسعاف من تضرر من أبنائه ، وهذا العمل لا يقتصر في أيام الحرب فقط بل في أيام السلم أيضاً ، فالعمل التطوعي يؤصل لثقافة حضارية ، تلبي احتياجات المجتمع وتساند الدولة في كافة القطاعات والمؤسسات . أما مفهوم التطوع اصطلاحاً فهو كل ما يقدمه الانسان باختياره ويستهلك من وقته وجهده وماله لتحقيق أهداف تخدم وتنمي الفرد والمجتمع في مجالات متعددة . يقول المولى عزّ وجل. " إِنَّمَا نُطْعِمُك التي لا يجدها في العمل الرسمي ، أو ربما الرغبة في إشباع بعض الحاجات النفسية وشغل أوقات الفراغ .وأيًّ كان الدافع يبقى العمل التطوعي هو أسمى ما يقوم به الانسان من عمل خالص يكشف مدى شهامة هذا الرجل أو ذاك في مساعدة الآخرين أو إغاثة الملهوفين ، وكمثال حي في مجتمعنا نجد فريق " نخبة الشمال " عن منطقة الجوف قد أعطى أروع صورة ل200 متطوع نذروا أنفسهم وسخروا مركباتهم لإنقاذ المواطنين المتضررين والمفقودين في الصحراء نتيجة للكوارث الطبيعية وغيرها. ويكفي التطوع شرفاً ونبلاً أن جميع الأنبياء والمرسلين حملوا رسالة السماء إلى قومهم متطوعين ليخرجوهم من غياهب الظلم والتفرقة والجهل إلى نور الهداية والتوحيد وعلى رأسهم نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .التطوع واستباق عمل الخير إنما ينبع من صلب عقيدتنا السمحاء التي تربينا عليها والتي تجعلنا نعمل الخير ونحتسب الأجر عند الله ، فهي ثقافة ورثناها عمن سبقونا ، ونتمنى على القائمين في المؤسسات التعليمية أن يدعموا العمل التطوعي ويدرجوه ضمن المناهج التدريسية سواء في التعليم العام أو الجامعي ، وأن يصبح التطوع مقرراً معتمداً كباقي المواد الرئيسية ، وتخصص له ساعات محددة تلزم الطلبة بضرورة اجتيازه للحصول على شهادة القبول والنجاح خلال مسيرتهم الدراسية والأكاديمية . ولا ضير أن ندعو أبناءنا الطلبة إلى الانخراط بأحد جمعيات المجتمع المدني الخيرية أو مؤسسات العمل الأهلي التطوعي من أجل تقديم المساعدات المطلوبة في كافة جوانب الحياة وفي شتى المجالات وخاصة ما يتعلق منها بالشأن الاجتماعي كرعاية الطفولة والعجزة والمعاقين أو التدريب على الاسعافات الأولية في مراكز الهلال الأحمر التي تقيم دورات للمتطوعين على مدار العام. وهذا التوجه الجديد في نوعية التعليم ، سيمكن الطلبة حتماً من تحسس مشاكل مجتمعهم وتلمس قضاياه وإنجاز خدمة اجتماعية تسهم في ازدياد التكافل والتراحم والتعاضد بين أبناء الوطن الواحد ، إلى جانب تأثيره البناء في رفع مستوى وعي الشباب وإشغال أوقاتهم بالشيء الذي يعود عليهم بالخير والفائدة ، ويجنبهم من الغرق في أماكن اللهو والانحراف أو بؤر التطرف والارهاب ، كما يعزز لديهم الشعور بالمسؤولية ويقوى احساسهم الوطني ، فتنهض البلاد بسواعدهم المعطاءة ويتحقق لها التنمية البشرية الشاملة وما تنشده من رسالة سامية إلى العالمية . ويقول الشاعر أحمد شوقي : وما استعصى على قوم منال … إذا الإقدام كان لهم ركابا Twitter:@bahirahalabi