"الترويقة" هو الاسم الذي اختاره عشرات بل مئات من أصحاب عربات الفول يستيقظون في الصباح الباكر لينتشروا في شوارع القاهرة لتقديم الفطور المعتاد للناس ألا وهو صحن "الفول المدمس"، حيث تنتشر في أرجاء المعمورة العربات الخشبية الملونة والتي تحمل إناء ضخماً "قدرة" مملوءاً بالفول الناضج وكمية كبيرة من الخبز، وزجاجات الطحينة والزيت والبصل الأخضر والليمون والمخللات والبيض المسلوق على العربة.ولا يستغرب المعتاد على الخروج في شوارع القاهرة في الصباح رؤية عربة صغيرة غالباً ما يكون لونها أحمر ممزوج بأصفر أو أخضر ومكتوب عليها عبارة "سترك يارب" ويقف أمامها رجل منهمك في إضافة الليمون والزيت الحار وأحياناً البيض على الفول الذي يخرجه من القدرة الكبيرة الموضوعة على العربة. وحول هذا الرجل يجتمع رجال من كل الأطياف، منهم من يرتدي حُلة أنيقة ويمسك بمفتاح سيارته الحديثة ومنهم من يحمل دفاتر الجامعة ومنهم من يضع بجواره المعول حتى ينتهي من تناول الفول ليذهب للبحث عن عمل، تجمعهم جميعاً عربة الفول أو كما يسميها المصريون "عربية الفول". ويلجأ كثيرون إلى هذا "المشروع الصغير" كسبيل لكسب القوت في ظل ارتفاع معدلات البطالة، كما أن أصحاب العربات عادة لا يستخرجون الأوراق الرسمية المطلوبة كالشهادة الصحية أو الملف الضريبي أو غير ذلك. وأحياناً يكون هذا المشروع "باب السعد" لصاحبه الذي يبدأ بعربة فول صغيرة في حي شعبي حتى يمتلك مطعماً في أرقى الأحياء. ومع مرور الزمن يكون لكل عربة مكانها المعروف، حتى إن هناك من يقطع المسافات الطويلة للوصول إلى عربة تذوق فولها في يوم من الأيام واستحسنه. ولا يقتصر عشق الفول على الفقراء فقط وإنما يشاركهم في هذا الميسورون. "لا يضاهي فول العربية أي فول نشتريه من أي من المطاعم الراقية التي تقدم الوجبات الشعبية". لا يخجل أي شخص أبداً من وقوفه للأكل على عربة فول وهو يرتدي بدلته الأنيقة، كما أنه لا يخشى أن يراه أحد من زملائه. أن سعر الوجبة على عربة الفول يتراوح من جنيه ونصف في المنطقة الشعبية مثل باب الشعرية التي يقطنها، إلى أربعة جنيهات في المناطق المصرية الراقية "ويسعد صباحك".