العودة إلى حمل الكتاب الورقي وممارسة هواية المطالعة من خلاله قد تبدو غريبة الآن على البعض من الناس وخاصة لدى الأطفال وجيل الشباب الذي ولد ووجد نفسه محاطاً بأجهزة الكترونية تفرض عليه نمطاً معيناً من السلوك في التعامل مع المعلومة وإعادة نشرها والاستفادة منها . وحتى نواكب العصر ونلحق بالركب من حولنا ، فقد رحبنا بهذا الغازي الجديد وتآلفنا معه لدرجة أنه أصبح جزءا ملاصقاً لنا في كل تفاصيل حياتنا اليومية ،وصار الهاتف النقال من أكثر الوسائط استخداما عند الناس لما يوفره لهم من برامج وتطبيقات تساعدهم في متابعة الأحداث اليومية والأخبار العاجلة وكذلك الاتصال والتواصل مع العالم الخارجي ، بالإضافة إلى قراءة القصص والروايات والكتب المختلفة من المكتبات الالكترونية التي يتم تحميلها بالمجان في العديد من المواقع . لدرجة أن ظاهرة حمل هذا الهاتف الجوال هي السائدة اليوم ، فحيث ذهبت وأين حللت ترى كل من حولك في شغل عنك ، فالكبار منهمكون في متابعة ما قد يحمله له هذا الجهاز الذكي من أخبار ومعلومات ، والأطفال يلهون وبشكل مفرط بالألعاب التي يوفرها لهم جهاز الآيباد وغيرها من الجوالات المحمولة ، الأمر الذي جعلهم يدمنون عليها وينعزلون عن محيطهم الأسري ويبتعدون عن المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والرياضية والتلاقي مع أفراد العائلة .فهل يا ترى ما ينشر عبر الانترنيت هو جدير بالقراءة وثري بالمعلومات وملائم للتسلية به ؟ . بالطبع لا ، ففي ظل الإعلام الجديد لا يوجد هناك ضوابط ولا مراقبة على محتوى ما يبث ، فالفضاء مفتوح لكل غث وسمين ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة كال ( whatsAapp – face book – twitter,, )تستقبل في الأغلب أخباراً مغلوطة ورسائل تخريبية تفسد على المجتمع ذائقته الثقافية . فليس كل ما يردنا عبر شبكة الانترنيت مفيد ويمكث في الأرض فالكثير يذهب كزبد البحر جفاء .. وقد يكون من الأهمية أن ندعو إلى سن أنظمة وتشريعات تحد من هذا الانفلات الإعلامي الجديد وتخطط لوضع إستراتيجية تقنن استخدام التكنولوجيا وتحفز الشباب وتشجع الأطفال على إشغالهم بقراءة ما ينمي قدراتهم الذهنية ويوسع معارفهم العلمية .وقد برزت هناك مبادرات جادة لاستقطاب الشباب وحثهم للعودة إلى القراءة ضمن مسابقات وجوائز تشجيعية وكان لشركة أرامكو السعودية السبق في هذا من خلال مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي حيث دعا الشباب للمشاركة في مسابقة أرامكو الوطنية للقراءة على مدى عامين متتاليين : ( 2014 م، 2015 م) كما أن وزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية ، وسعياً منها لوصول الكتاب إلى أكبر شريحة في المجتمع، تنظم سنوياً معرضاً للكتاب ، وسيقام قريباً في مدينة جدة معرض جدة الدولي للكتاب خلال الفترة من 12 – 22 ديسمبر 2015م. وستشارك فيه جهات ومؤسسات تعليمية ودور نشر عديدة من داخل المملكة وخارجها،يعرض لأحدث المؤلفات المتنوعة والوسائل التعليمية ، وبأسعار مخفضة تناسب الجميع ، وستكون هناك فرصة للآباء والمربين أن يصطحبوا أبناءهم لزيارة هذا المعرض والتجول في أجنحته المخصصة لفئاتهم العمرية ، وتشجيعهم على شراء الكتب القيمة والقصص المفيدة ، وأيضاً توجيههم للمشاركة بمسابقات وأنشطة الأطفال الثقافية التي تقام على هامش المعرض ، وتساهم في توسيع مداركهم وتعزز شغفهم بالقراءة بعيداً عن ثقافة الأجهزة الالكترونية وآثارها السلبية . يقول الشاعر أبو الطيب المتنبي : أعز مكان في الدٌنى سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب