في الأسبوع الماضي كنت قد وضعت رابط في تويتر يقود لمقالتي " على قيد الحياة " التي نشرتها في هذه الزاوية ، المقالة كانت تتحدث عن أهمية تمتع الفرد بالجرأة على اتخاذ خطوة التغيير لمن أراد الاستفادة حقاً من كونه على قيد الحياة ، وكان من بين من قاموا بإعادة تغريدها صديق كريم ، ثم بعد دقائق فوجئت أنه تراجع عن إعادة التغريدة ، فقلت في نفسي لابد وأن لديه سبباً لتراجعه هذا ، فأرسلت له أسأله عن السبب من باب حق الصديق على صديقه ، لم يتأخر كثيراً في الرد وهي عادته للحقيقة .. حيث بين لي على الفور وبكل لباقة أن مقالتي رغم جمالها وتماسكها- على حد وصفه – لم تكن مما ينتظره القراء ، بزعمه أنهم قد سئموا المثاليات والقراءات في المطلق ، وعلى الأخص في هذا الوقت الذي يموج فيه العالم من حولنا بشتى الصراعات والأحداث ، فشكرته على رأيه وأجزلت له الشكر، وهو للحقيقة يستحق الشكر وأكثر ، فقد كان صادقاً معي ومباشراً جداً ، فأنا بالفعل أدرك أن معظم تعليقاتي على الأحداث المعاصرة تبدو وكأنها في واد بينما غالبية الكتاب في واد آخر ، ولكني مع ذلك أؤكد أن ما وقع على وعي صديقي بعد استقرائه لمقالتي لم يكن دقيقاً البتة ، ولا ألومه .. فالغالبية يقعون كثيراً في مثل هذا اللبس ، سيما مع المقالات التي تتعامل مع الأحداث من العمق لا مع الشكل الظاهري لها ، فمثلاً قد نجد من يتحدث عن الحروب الأهلية وآثارها وتداعياتها وما هنالك ، وهو حديث مهم وجيد بلا أدنى شك .. لكنه حديث عن ظاهر الشجرة لا عن جذورها ، بينما من يتحدث عن التسامح والعيش المشترك وتقبل التعددية الفكرية ونحو هذه المفاهيم فليس لأنها مثاليات فكرية أو أحاديث في المطلق ، إنما هي عودة للبذور الأولية لأي تغيير حقيقي في البنية التحتية للمجتمع خاصة ذاك المجتمع التواق للاحتراب الداخلي تحت ضغط من أفكاره وثقافاته وعادته ، وهذا ما بدا لصاحبي بأن الكلام وجوهر المقال كانا في شأن مختلف لا علاقة له بالحروب الأهلية . على أية حال .. التعامل مع ظواهر الأمور مطلوب وله قيمته ، وأيضاً مطلوب أن ينظر آخرون إلى جذورها ، فالهدف واحد وإن تعددت أساليب الرمي والتهديف ..نهاركم سعيد.