ولد الشاعر الكبير حسين بن علي سرحان بمكةالمكرمة سنة 1332ه وتلقى التعليم الابتدائي في حي المعابدة ثم في المسجد الحرام على يد الشيخ محمد العلي التركي . ألم في ذلك بالفقه والتسفير والفرائض وعلوم اللغة العربية ثم انتقل الى مدرسة الفلاح وبقى بها لمدة عام ونصف العام وترك المدرسة وهو في الصف السابع الابتدائي سنة 1349ه وصفه الاستاذ محمد علي مغربي قائلاً: بدوي الطلعة، اصفر الوجه، نحيف البدن، كبير الرأس أقرب الى القصر منه الى الطول . تبدو على ملامحه سيماء الشموخ لكنه ليس بالمتعالي بل لا يحفل بما تعارف عليه الناس من احتفاء بالمظاهر واكبار للمناصب ، فهو يعيش في دنيا خاصة من أفكاره. قرأ حسين سرحان كتب اللغة العربية وآدابها ودواوين الشعر العربي قديماً وحديثاً فصقل موهبته الشعرية بقراءة هذا التراث العربي الاسلامي بداية من امرئ القيس الى حسان بن ثابت الى الفرزدق وجرير فأبي تمام والنجدي والمتنبي واحمد شوقي وحافظ ابراهيم ومحمود سامي البارودي في الشعر ثم كتب الادب للجاحظ والثعالبي وابن عبدربه وابن كثير وابن الأثير الى الرافعي والمنفلوطي والشدياق والبستاني واحمد حسن الزيات وفاروق عبود وسواهم من الكتاب والادباء في القرن العشرين الميلادي ولاشك ان حسين سرحان قد صقلته هذه الاطلاعات والقراءات صقلت من تفكيره وموهبته واطلاعه فقال الشعر مبكراً والشعر الادبي كذلك . عمل رحمه الله في وظائف حكومية مختلفة بمكةالمكرمة حيث رأس باسم التحرير في مطابع الحكومة احد عشر سنة من عام 1962 حتى أحيل للتقاعد 1973 وقبل هذا التاريخ كان له علاقة وثيقة بالصحافة شاعراً وكاتباً وقاصاً في ام القرى وصوت الحجاز والبلاد السعودية والمنهل والرياض ولقدد كان واسع الاطلاع وله مكتبة عامرة وزاخرة بأمهات كتب التراث القديم والتراث الحديث جاء في قاموس الادب العربي الحديث لمحرر ترجمته الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الحيدري قوله: وهو شاعر محافظ لكن ذلك لم يمنعه من التحليق في آفاق النفس ونوابض الحس وهو من اصدق الشعراء تعبيرا عن مشاعره ووجدانه. ويعد حسين سرحان من اوائل المجددين في المضامين للشعر السعودي وله صوته الخاص الذي يجمع بين قوة الشعر القديم وجزالته ورقة اشعار المدارس الحديثة وسهولتها خاصة الرومانسية في الشعر اما شعره فمعظمه في اطار التراثية والوجدان وكثير منه يتناول قضية الحياة والموت ومصيرالانسان ولا يخلو شعره من الرمزية خاصة في قصيدتيه "الدورة الاخيرة والحديثة" ويحفل شعره بنزعة من التأمل والخطرات الفلسفية وتصتبغ قصائده بالحزن والامل ، حيث تستحوذ عليه فكرة الموت في كثير من اشعاره. وذكر محمد علي مغربي ايضا : كان ابوه علي حسن سرحان من حاشية سمو الامير فيصل بن عبدالعزيز النائب العام لوالده الملك عبدالعزيز في الحجاز ملك المملكة العربية السعودية فيما بعد. وكان يسكن في محلة المعابدة وهي محلة بظاهر مكةالمكرمة تتميز بالسمات البدوية لسكانها الذين يأخذون بأسباب الحضارة ومظاهرها ويحتفظون في نفس الوقت بإباء البادية وخشونتها وكان جده عمدة لمحلة المعابدة وكان في نفس الوقت يتجر في الماشية وله اغنام يشرف على رعيها وبيعها ونشأ الشاعر في هذه البيئة البدوية فمارس في صباه ما كان يمارس جده وتمارسه القبيلة من رعي الاغنام والاتجار فيها بيعاً وشراءً . وكان جده لامه هذا هو عبدالله بن سرحان ينتجع الرصيفة وهي في الجنوب الغربي لمكة فيقضي مع اسرته ومن يلوذ بهم شعوراً عديدة يصفون بها وقد استمر يحيي هذه الحياة البدوية معهم الى ما قبل البلوغ بقليل ووجد الوقت امامه فسيحاً للقراءة والاطلاع والتفرغ للادب والشعر. وفي عام 1362 وحسين سرحان في الثلاثين من عمره التحق بأول عمل رسمي له فقد دعاه الشيخ عبدالله سعد ليعمل في فرع مصلحة اللوازم العامة بالطائف ومن اللوازم العامة انتقل الى الادارة العامة بوزارة المالية بوظيفة سكرتير سنة 1370ه. ويقول الاستاذ المغربي : وربما كان لصفته الادبية دخل في اختياره هذا العمل. وبعد العمل في وزارة المالية انتقل الى ادارة شؤون الحج تأثراً بصديقه الشاعر الاستاذ احمد قنديل فقد كان القنديل مديراً لشؤون الحج ثم انتقل الى مشروع توسعة الحرم المكي الشريف بعدها الى مطبعة الحكومة كما سبق ذكره. لم يحقق حسين سرحان في عمله الوظيفي ما كان خليقا بمثله ان يحققه كالمركزية ونباهة المركر وخفض العيش فلم يكن مهيئاً للعمل الوظيفي ولولا نظرة كريمة من ولي الامر نحو حالته لعاش عيشة فقر وبؤس فقد أكرموه أكرمهم الله بزيادة راتبه التقاعدي وبقضاء دين لحقه حين بنى بيتاً كما يقول الشيخ حمد الجاسر. اما مؤلفاته الشعرية فهي ديوان "أجنحة بلا ريش" وديوان – الطائر الجريح – وديوان الصوت والصدى … وله في الادب كتاب مجموعة مقالات اصدرها النادي الادبي بالطائف ويقول الاستاذ المغربي ان هناك مجموعة من المقالات والقصص – يجري اعدادها للطبع. قلت : ثم جمع آثار حسين سرحان النثرية تصنيفاً ودراسة اعدها الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الحيدري سنة 1426ه الموافق 2005م في ثلاثة مجلدات. ويقول هذا الدكتور ان انتاج حسين سراحان النثري يفوق 300 مقالة وقصة وتقديراً لمكانته الادبية كرمه نادي مكةوجدة الادبيان واطلق اسمه على احد الشوارع في مكةالمكرمة وكتب حوله وحول ادبه رسائل ماجستير ودكتوراه في جامعات الازهر والملك سعود والامام محمد بن سعود ويراجع ذلك في معجم المطبوعات العربية لعلي جواد الطاهر والموجز في تاريخ الادب السعودي لعمر الطيب السادس وشعر حسين سرحان دراسة نقدية لاحمد بن عبدالله المحسن والمقالة في الادب السعودي الحديث لاحمد عبدالله العونية. توفي حسين سرحان يوم الثلاثاء السادس من ذي القعدة سنة 1413ه عن ثمانين عاماً وفقدت البلاد بوفاته شاعراً كبيراً تميز من بين شعراء المملكة العربية السعودية بأسلوبه الجزل البليغ وكان سرحان بذلك فريداً بين شعراء عصره تغمده الله بواسع رحمته.