كنا يومها نتبادل أطراف الحديث في شؤون عديدة من حياتنا إلى أن اتى ذكرنا لواحد كان ملء السمع والبصر ببهائه وثقافته وكان نجم كل مجلس لتدور الأيام ويلتزم الصمت. فقال أحدنا بعد أن كان الناس يستمعون وهو يتحدث أصبح الآن العكس فذكرنا بذلك المقطع الذي كان يردده الفنان الكبير الذي وصفه احدهم بسيد درويش الفن السعودي أنه الفنان فوزي محسون الذي ردد: وأنا الذي كنت أهرج والكل حولي سكوت من تلك الأغنية التي كتبتها الشاعرة ذات النفس – الجداوي – العتيق ثريا قابل والتي تقول فيها: من بعد مزح ولعب اهو صار حبك صحيح وأصبحت مغرم عيون وأمسيت وقلبي طريح وأخجل إذا جات عيني صدفه في عينك وأصير مربوك وحاير بأمري من فرحي أبغى أطير كان فوزي محسون ذلك الفنان الذي ارتبط بكلمات تلك الشاعرة القادمة من أعماق المجتمع ثريا قابل التي استطاعت أن تترجم حركة المجتمع العاطفية في أسمى معانيها اسمع فوزي وهو يردد ما قالته سلطانة الكلمة المغناة الحجازية: عمرك سمعت .. عمرك سمعت يا حبيبي عمرك سمعت .. ساعة الحظ تسني احد ؟ ولا فرح العمر دايم ينوجد ؟ هيّ فرصه تجينا بلا وعد .. ودي .. ودي .. القى معاكم فرحتي واحلى اوقاتي ومواعيدي .. وماشي بالأمل ماشي .. وماشي بالأمل ماشي وخطواتي بترقص على دربك .. وفي لحظة عتاب.. كانت تقول: اديني عهد الهوى … واثبت لي انك بتوفي وهات لي بعض الامل … وقلي اصبر وضحي اما وانك تغيب ويسموك عليا حبيب يفتح الله يا حبيبي كل واحد وله طريق الى أن تقول في وضوح كامل: حبي مو بيعة وشروة… حتى تتشرط وتؤمر تمتحن فيا المشاعر … بالاشاعة والتكبر كم حكمت وكم ظلمت كم وكم.. كم وكم كنت بسكاتي باعينك وجاي دحين تشوف عزة النفس ورهينك وفي لحظة مصارحة شديدة الوضوح تقول باصرار: لا تحايلني تراني .. على الهجران هذي المره ناوي لا تعشمني بأماني .. ولا تجرح وتاني تعود تداوي كان زمان .. قبل ما عيوني تفتح عن حقيقة دا الغرام حتى تصل الى المكاشفة معه.. وهي تقول متسائلة: مين طغاك علي حتى بعدت عني مين قساك ياعينيه وأنت الغالي علي واحد تاني لازم أخذ الجو علي لاحظ كلمة أخذ الجو.. كلمة الجو هذه من أعماق المجتمع اتت بها في لحظة انشراح ولحظة صدق في التعبير.. انها صائغة الكلمات الشعبية.. الصارخة في الشعبية وكأن فوزي أو سيد درويش الاغنية الشعبية الحجازية استطاع أن يصل ببصمته السهلة الممتنعة الى المتلقي.. الذي كان يعيش تفاصيل ما خلف الكلمات في نشوة لها من دلائل التلاحم بين الكاتب والملحن والمستمع ما يجعل ذلك التلاصق من الثلاثة الاضلاع متماسكين حتى الوله. إنه ذلك الزمن الذي كان يحق زمن الطرب.. لا هذا الزمن الغريب العجيب.