اهداني الاستاذ الفاضل عبدالرزاق محمد حمزة كتابه العيش في مكةالمكرمة ولم اتمكن من تركه حتى انتهيت منه لمحتواه المفيد الجميل وفتح باب الذكريات والشجون في هذه البلدة الطيبة وقد قال في مكة هي مدينة السلام والطمأنينة والثراء الروحي ومتعة العيش ببساطة والاعراض عن الماديات هي عبارات ذكرتني كيف كنا نستقبل شهر رمضان المبارك بفرح وسرور وكان الاستعداد يبدأ بترتيب البيت والاعتناء بالخارج وهي المكان التي كنا نجلس ونتناول طعام الافطار والسحور فيها ولم يكن لدينا مكيفات فقط مراوح اليد ثم الاعتناء بالدوارق والزير لماء زمزم وفي الصباح اخرج مع الوالد رحمه الله حاملا الزنبيل واسير خلفه الى سوق الصغير ذاك السوق الذي تجد فيه كل متطلباتك فيه الجزار والخضري والبقال والفكهاني والفوال وبائع الخبز البر المكي الشهير وبائع السمن والعسل والجبن ودكان السوبية والزبيب ثم نعود والزنبيل ملئ بالمقاضي ويزيد من العشرة ريالات وقروش، تستقبل الوالدة رحمها الله المقاضي ثم تعد لنا الافكار على كانون الفحم وطباخة القاز ثم تنعد تلك السفرة في الخارجة والتي تحتوي على البريك والشربة والفول والكنافة والمهلبية والغربالية او الجبنية وبجانبها الزمزم المبخر وشراب اللوز او شراب الخاشكير والخشاف وفي العصر نذهب للمسجد لأداء الطواف ثم تناول الافطار وصلاة المغرب ثم العودة على الاقدام للبيت لتناول العشاء مع الوالدة رحمها الله ثم نذهب للحرم للصلاة العشاء والتراويح وبعد ذلك نخرج وبعد ذلك الى اسواق مكة لشراء حاجيات رمضان والعيد مثل سوق الجوجرية الجميل وشارع الغزة وسويقة السوق العريق والمنشية ثم نعرج احيانا الى القشاشية وسوق الليل لتذوق الكبدة من مطعم الكنو او نذهب الى منتزه باحمدين في السليمانية لمشاهدة مباريات الكرة الطائرة وكان كبتنها اهونا علي رضا وطاقم من الشباب مثل بهجة عبدالجبار وبكر قبوري واخرون وكان الحكم زاهد قدسي او نذهب الى منتزه القنبعير في حي الششة وكان هو فخر الموجود وكانت امسيات رمضان تشتهر في تلك المرحل بوجود المراكير في كل حي مثل مركاز عمدة الشامية والقشاشية والسليمانية وسوق الليل وشعب علي والفلق والنقا والقرارة والمسفلة والسليمانية وكان في منطقة سوق المعلاة والخريق مقاهي شعبية يجلس فيها الناس يتسامرون وهذا يحكي عن عنترة وذاك يحكي عن ابو زيد الهلالي وذاك يحكي عن الرجل الشجاع الذي أمسك بالقاتل وذاك يحكي عن هول الليل وآخر عن الدجيرة لانه لم يكن هناك تلفزيون والراديو نادرا وكانت كل تحركاتنا مشيا على الاقدام ولذلك كانت اجسام الناس رشيقة ومن كان عنده سيارة او يركب خط البلدة يذهب الى مقاهي حوض البقر (العزيزية الآن) او الى مقاهي السد ليستمع للمنشد اللبني او الابلتين او البخاري وكانوا يقسمون شهر رمضان لثلاثة اقسام العشرة الاولى للجزارين والعشرة الثانية للقماشة والعشرة الاخيرة للخياطين وكان الشيخ ابو السمح والخياط يصدحون بالقرآن الكريم في المسجد الحرام في صلاة التراويح والتهجد سبحان الله العظيم ما احلاها من ايام جميلة والشيء المهم في الامر اننا كنا ننعم بالامن والامان والاستقرار في مملكتنا الحبيبة حتى يومنا هذا اللهم ادم علينا نعمتك اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك ومن فجاءة نقمتك وجميع سخطك وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. محمد سراج بوقس