ناصر الشهري كان هادئاً في طبعه ثائراً في مفرداته الشعرية. صانعاً لمفاجآت البيت الأخير من القصيدة والذي كان يطلق عليه ذلك الاسم قبل أن يغادر المنبر. أو ينهي كتابة النص. هكذا كان الشاعر العربي الكبير عمر ابو ريشة الذي كنت قد حاورته قبل سنوات قليلة من وفاته يرحمه الله حيث قلت له قبل أن نبدأ الحديث وبعد ان طلب محاور الاسئلة : أنا لم أكتب سؤالاً مسبقاً. فقط جئتك اباريف محاولاً أن أفرغ شيئا من الذي اختزله عن قامة شاعر "النسر" ومن وصفوه ببدوي الجبل "واصبح" الأذان على امتداد الوطن العربي.. وكتب لشعراء النضال قصة.. وخاض التجربة السياسية من منبر الأممالمتحدة كمندوب لبلاده "سوريا". الحوار الذي نشر على صفحتين في عكاظ.. تضمن الكثير من المحاور لواحد من أولئك العمالقة الذين تركوا إرثاً عظيماً.. وان تراجع الكتاب ومعه أمجاد الرواد من اهتمامات الجيل الحديث للأسف الشديد.وقد تطرق إلى موقف وصفه بالمذهل أمام واحد من أبرز القيادات العربية التاريخية.حيث قال الشاعر الكبير عمر أبو ريشة كنت في رحلة لمقابلة الملك فيصل يرحمه الله في الدار البيضاء وكان معي الشاعر الصديق كنعان الخطيب وعلى الطائرة سألتني مضيفة جميلة وهي تقدم لي الخدمة: هل أنت الشاعر عمر أبو ريشة؟ فأجبتها بنعم. فقالت اكتب عني شعراً. فقلت لها: كيف أكتب فيك شعراً وانت على هذه الدنيا قصيدة. وكان مطلعاً لبقية رباعية عنها أكملتها خلال دقائق. وعلى التو يقول ابو ريشة كتبها زميلي كنعان الخطيب ووضعها في جيبه. وحين كنا على العشاء مع الملك فيصل. تحدث كنعان وقال تفاصيل القصة بعد أن طلبت منه سابقاً أن لا يقول إنني من كتب هذا الشعر لانني أخجل من الملك وابتعد كثيرا عن شعر الغزل. ولا أريد أن يعرف. فقال كنعان سأقول انني أنا صاحب هذه الأبيات. وبعد أن انتهى كنعان من قراءة النص. نظر الي الملك فيصل قائلاً: "حسبي الله عليك" يا عمر.. أنت من قال هذه الأبيات وليس كنعان. وعندها ذهلت – يقول أبو رشة – واستسلمت لذكاء ذلك الرجل العظيم.