لا يختلف اثنان أن الإدارة تعني في المقام الأول الموارد البشرية التي تسمى مزاجاً بأهم الممتلكات (Most important assets) فمهما كان لديك من أنظمة وإجراءات وتفتقر إلى مبادرات وابتكارات مع اجتهاد العنصر البشري فأنت قطعاً تعاني من خلل إداري، وعندما نتحدث عن القطاع العام المسؤول عن الخدمات تبرز الحاجة القصوى لهذا العنصر البشري الذي لا يمكن إبراز مهاراته وإخلاصه بدون تحفيزه بالشكل المطلوب لكي يتم التفريق بين العامل والهامل وهذا ما لا يتحقق بالانظمة البيروقراطية الصرفة التي تنتهجها وزارة المالية مع الوزارات الخدمية. جميع الوزارات الخدمية هي مستهلكة لمواد تجارية تدفع قيمتها بالمليارات كما أن لبعضها ميزة الاستثمارات، ولأن النظام البيروقراطي المالي الذي تنتهجه وزراة المالية في طريقة تحصيل الإيرادات والذي لا أنتقده لا يسمح باستغلال بعض هذه الإيرادات لتحفيز الموارد البشرية لإخراج مكنونها من الابتكارات التي تطور وتوفر أكثر بكثير مما يسعى إليه واضع النظام البيروقراطي المطلوب جزئياً، لهذا يتحتم علينا السماح باستخدام بعض فنون الإدارة المالية الخدمية ضمن أنظمة وضوابط لا يمكن أن يساء استغلالها وبالتأكيد سوف تأتي بكثير مما نطمح إليه حكومة وشعباً. فعلى سبيل المثال وزارة الصحة تشتري أدوية ومعدات بالمليارات وتستطيع أن تؤسس نظام يعطيها الحق ضمن المنافسة التي تحقق مصلحة الوزارة في الحصول على حسومات سنوية على فواتير مشترياتها لا يتم إيداعه في حساب وزارة المالية ولكن يودع في حساب خاص بالوزارة يصرف على الموظفين المميزين الذين قدموا ما يفيد وينفع بالدليل القاطع وليس حسب أهواء حتى الوزير. نفس الحال بالنسبة للبلديات التي لديها فرص كبيرة لزيادة حجم الاستثمارات أو تشديد الرقابة النافعة لجمع الغرامات، فيمكن تحديد توقعات سنوية لها إذا ما استطاعت تخطيها يمكنها استغلال الفائض بنفس الطريقة التي ستفعلها وزارة الصحة من الحسومات التي تحصل عليها مقابل المشتريات، وينطبق هذا بأشكال مختلفة على جميع الوزارات الخدمية التي يشاهد موظفيها التدفقات النقدية الضخمة تودع في حساب وزارة المالية وإذا ما طلب أحدهم كمبيوتر لمكتبه يحتاج لمعاملة قد تحبطه. هذه الفنون الإدارية يمكن ضبطها بشكل لا يسمح بسوء استغلالها لأنها ستكون أحد الوسائل لكبح الفساد عند كثير من المخلصين الذين يتحول بعضهم لفاسدين بسبب أنهم يعرفون أن اجتهادهم لن يعود عليهم بريال في حين إن فسادهم قد يجلب لهم الكثير وبالدولار، لابد من إحداث نقلات نوعية إدارية مالية من خارج الصندوق نعالج بها الحال الذي نعرف تشخيصة ولا نقدم له العلاج الفعال. عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا