قبل أكثر من شهرين التقيت به في مجلسنا الاسبوعي في جدة في دار زميله وصديقه و " عديله " الاستاذ محمد سعيد طيب في جدة ..كان الحفل على شرفه بمناسبة تقاعده، أذكر ان تلك الليلة كانت من أجمل الليالي ..عصام بكامل أناقته يلبس " الشماغ " الأحمر وينتقل من مكان لآخر، يشارك الناس الاحتفاء به ..تأخر مصور الجريدة ووجدني أتابع بالهاتف وصوله فقال لي " فينك " قلت انتظر أن نأخذ صورة جماعية فضحك وقدم لي شخصاً لم يسبق لي معرفته وقال لي : هذا المدير الجديد لمستشفى العيون في جدة، وأخذنا صورة جماعية ..كنت ارى في وجه عصام الكثير من العبارات وأبو الشيماء يردد سوف تكون هناك اكثر من " عزيمة " للدكتور وكان عصام يجيب " لا داعي لكل ذلك " عرفت صدق ترجمتي لنظراته عندما نقل لي د .فؤاد عزب بعد ان دخل د .عصام المستشفى في جدة وقال لي ..ان عصام يعلم بمرضه فهو طبيب لكنه لا يريد ان يزعج ابناءه وزوجته واخوانه واقاربه، قلت للدكتور عزب هل اطلعت على تقارير عصام؟ ..قال نعم فهو في ايامه الاخيرة بأمر الله وقدرته على ضوء التقارير .. حرصت على زيارة عصام الصديق وأحد اعضاء " البشكة " الدائمين وعندما دخلت الى غرفته قابلني بابتسامة جميلة ووجه يطفح سروراً دون ان ألحظ عليه اثاراً للمرض أو قلقاً او خوفاً، تحدثت معه ودعوت له وغادرته وانا اتذكر ما قال د .فؤاد من ان عصام يتحمل ويداري مرضه ..وهو ما يدل على ان عصام رجل وصامد حتى وهو يعرف ان المرض يقربه للموت ..تابعت مسيرة المرض بشكل يومي من اقارب عصام ..والاجابة " لا جديد " حتى الثالثة والربع من عصر امس وأنا اتلقى اتصالاً مع الاستاذ سعيد طيب لم أكن اتوقع ان يكون " خبر موت عصام ولكنه كان هو الخبر " يعيش راسك في د .عصام، وبعد ان افقت من الصدمة بعثت برسائل جوال الى اصدقائنا في الداخل والخارج انقل لهم الخبر والغريب أن أكثر هؤلاء رد مباشرة او بعث برسالة كلها تحمل ألم الفراق والشهادة للدكتور بالخير وحسن الخلق والتعامل حتى عندما تحدثت مع عدد من اصدقائه واقاربه والتي ننشرها اليوم، وجدت ان الكل يتحدث بصدق وألم لفقدان عصام دون ان يكون السبب " حديث الصحافة " وروتين وكلمات معروفة في هذه المناسبة ..فيصل بدر - محمد طيب - سعيد طيب - احمد فتيحي وغيرهم كانوا يحدثوني وكأني ارى الالم واضحاً امامي، اسمع صوته عبر الهاتف، وعندما اتصلت بابنه الأكبر " رائد " اجابني " كان الاب الحنون " وهو ما قاله كل من عرف عصام ابن مكة وصاحب الخلق الرفيع الذي لا يتحدث الا اذا طلب منه الحديث ..واذا تحدث قبلت بما يتحدث به . قبل اكثر من ثلاثة اسابيع اجريت اتصالات مع زملائه في مستشفى العيون تمهيداً لعمل صحفي عن د .عصام في حياته وقد سمعت من كل من حدثني صدق العبارة حتى موظف السنترال قال لي .." عم عصام هذا لنا معه ذكريات وهو يعد المستشفى ملكاً له، فتراه دائما يبحث عن الخير لها " . واليوم وارينا عصام في " جنة المعلا " هناك حيث ولد عصام وحيث كانت نشأته وذكرياته " باب البساطية " في مكةالمكرمة وحيث زملائه الذين درس معهم في " الرحمانية الابتدائية " وحيث المكان الذي شكل عصام وتربية عصام ..وفي المعلا اعرف ان من يودع عصام يمثلون اكثر من شريحة ..زملاء واصدقاء واقارب واحباء ومسؤولين من الصحة ورجال اعمال واهالي مكةالمكرمة ووجهائها وسأرى ابناءه واخوانه واقاربه يودعون عصام الوداع الاخير واسمع من يتحدث عن عصام هناك وسيرة عصام وذكرياته . اقول للابناء رائد وزياد وجوان ..اليوم بقدر حزنكم بقدر ما تفخرون انكم ابناء هذا الرجل واقول للاخت د .هند بدر حرم الفقيد عوضك الله الخير في فقد شريك الحياة واسأله تعالى ان يجمع بينكم في جناته وعصام مات جسداً لكن ذكراه باقية في ما تركه من ارث يفوق الاموال وهو ارث العمل الطيب والذكرى الجميلة والخاتمة التي اسأل الله ان تكون حسنة وشهادة الناس الذين عرفوه . اخي د .عصام وداعاً ..عشت طيباً ومت تحفك الطيبات .. ولا زال مكانك في القلوب ومجلسك " شاغراً " .