ألقى سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ محاضرة بجامع قباء بالمدينة المنورة بعنوان (توجيهات عامة) دعا المسلمين فيها إلى السير على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحابته أجمعين وإتباع طريقهم وهديهم في أقوالهم وأعمالهم والثبات على ما ثبتوا عليه من الخير والقيام بمثل ما قاموا به من دعوة إلى الله وتبشير عباد الله وهدايتهم إلى صراط الله المستقيم. وذكر سماحته بمحاسن صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم وفضائلهم ومكانتهم وجهادهم ونضالهم وبذلهم للغالي والنفيس في سبيل هذا الدين وإعلاء كلمة رب العالمين. وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ إن خير ما يرشد الناس إليه وما يدعون إليه دعوتهم إلى كتاب الله العزيز بالتدبر والتأمل والتعقل لان هذا القرآن العظيم خير ما وعظت به القلوب وذكرت به النفوس فهو شفاء لأمراض القلوب والأبدان، مؤكدا أنه كلما قرأ المسلمون كتاب الله بتدبر وتعقل وتأمل ووقفوا عند كل وصاياه وأوامره ونواهيه وجدوا الخير العظيم والهدى الكبير مبينا أن من اتبع القرآن فقد سعد وهو مهتد وسعيد في الدنيا والآخرة. وتحدث سماحته عن آية من كتاب الله ذكر الله فيها ثلاث وصايا والتي قال عنها عبدالله بن مسعود رضي الله عنه من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عليها " خاتمه " فليقرأ هذه الآيات من سورة الأنعام (قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم)... الآية.وقال سماحته حقا إنها وصايا يجب العناية بها والوقوف عندها لان فيها صلاح القلوب والأعمال والدعوة إلى الخير والمنهج المستقيم الذي إذا سار المسلمون عليه نالوا من الله السعادة في الدنيا والآخرة. وأضاف سماحة مفتي عام المملكة قائلا إن القرآن ميزان الأخلاق والأعمال فمن وزن أعماله بكتاب الله لينظر هل أعماله توافق كتاب الله وسنة نبيه فتكون حقا يلزمه أم تكون أعماله تخالف الكتاب والسنة فيكون باطلا يجب أن يبتعد عنه مشددا على الابتعاد عن الشرك بالله لأنه من أعظم الذنوب وأعظم الظلم وغاية الجور واكبر الكبائر وأعظم محبط للأعمال الصالحة وموجب للخلود في النار لمن لقي الله غير تائب ولا نادم لأنه مناقض للحكمة التي لأجلها خلق الله الثقلين الجن والأنس. وأشار سماحة المفتي إلى أن الله سبحانه وتعالى خلق الجميع إنسا وجنا لعبادته وحده لا شريك له ولعمارة الأرض بطاعته وإقامة شرع الله والتوجه إلى الله محبة وخوفا ورجاء والتوجه إليه سبحانه في الدعاء والاضطرار والرجاء والاستغاثة والاستعانة والاستعاذة والرغبة والرهبة إليه سبحانه وتعالى مفيدا أن الإسلام جاء ليحذر العقول من الخرافات وليقيم الدين كله لله وليخبر الناس أن الملائكة والأنبياء ليس لهم حق في العبادة إنما الأنبياء دعاة إلى الله وإلى دينه وأما العبادة الحقة فإنها لمستحقها وهو الرب جل وعلا فهي حق له سبحانه وتعالى لان هذا هو الدين الحق. وطالب سماحته بالدعوة إلى التوحيد وتأصيله في النفوس مؤكدا أنه أمر فوق كل الأعمال وصحة هذا التوحيد وسلامته سبب لصلاح الإعمال والأقوال وأن فساد هذا التوحيد فساد لكل الأعمال مشيرا إلى أن الأعمال إذا اختلت العقيدة في القلب وضعف اليقين في القلب فكل الأعمال تعتبر باطلة وحابطة لا اعتبار لها ولا ميزان لها وإنما ينظر في الأعمال عندما تصح العقيدة وعندما يقوى الأيمان في القلب. ووجه سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ خطابا للأبناء يدعوهم فيه إلى بر والديهم وقال إنهما السبب في وجودك بعد الله فواجب عليك أن ترعى حقهما وأن تحسن إليهما وأن تحترمهما وأن تعرف لهما مقامهما ومكانتهما فانه سبحانه وتعالى أوجب حقه بعد حقهما وقرن حقه مع حقهما في العديد من آيات القرآن الكريم، معددا صورا من الإحسان للوالدين ومنها القول الطيب والدعاء لهما والنفقة والسكن وبالخدمة وبالسمع والطاعة لهما بالمعروف مشيرا إلى أن البر بالوالدين جعل الله به خيرا كثيرا وعملا عظيما يبارك للعبد في عمره وفي ولده وفي ماله وفي أوقاته وجعل الله العقوق شقاء والعاق عاص مفيدا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الجميع أن بر الوالدين سبب لتفريج الكربات والنجاة من المضائق عندما تقع والإسلام ربى أبناءه على هذا البر ليبني المجتمع بناء متتابعا على الخير والمحبة والاتصال الصحيح. ونصح سماحته أولياء الأمور بإكرام الأولاد والإحسان إليهم وتربيتهم والقيام بحقهم واحتساب ذلك عند الله وحذر من الفواحش ما ظهر منها وما بطن وقال إن الله عز وجل حرم الزنا ووصفه بأنه فاحشة ووصف عمل قوم لوط بالفاحشة كما حذر الله جل وعلا من قتل النفس بغير حق لأن الواجب هو المحافظة على النفس البشرية وأن الدماء المعصومة محرمة وأن قتل النفس بغير حق من أعظم الكبائر بل هي مفسدة تلي الشرك بالله وجعل الله قتل النفس الواحدة كقتل الأمة كلها ورتب على قتل النفس بغير حق الأوزار الكبيرة ورتب عليها أشد العقوبات. وحث سماحة المفتي على احترام اليتيم ورعايته لان المسلم أخ المسلم يرعى الصغير كما يرعى الكبير مذكرا بما جاء من تحذير في العديد من الآيات القرآنية من أكل أموال اليتامى إلى جانب ما أمر الله به المسلمين في معاملاتهم أن يلزموا العدل في تعاملهم فيما بينهم وبين عباد الله وكما أمر الله بالعدل في الأفعال أمر جل وعلا بالعدل في الأقوال فلا يجب على المسلم أن يقول سوءا ولا يمشي بنميمة ولا يرمي الناس بما هم براء منه ولا يساء الظن بهم ولا يتم التدخل في سرائرهم وضمائرهم فكم شامت بالناس ومسيء إليهم وهاتك لعوراتهم يذله الله. واستنكر سماحته الداعين إلى التبرج والسفور وانتشار الربا والمحرمات والداعين إلى الحرية التي حقيقتها نبذ الأخلاق والفضائل وانتزاع الحياء والداعين إلى تحكيم القوانين ونبذ الشريعة والداعين إلى الفوضى وإلى الإرهاب والفساد والإخلال بالأمن والاستقرار والمروجين للخمور والمخدرات والممونين للمفسدين والمتربصين بالأمة مفيدا أن كل أولئك دعاة إلى سبيل الشيطان وكل أولئك دعاة أبواب جهنم.