لازلت اتذكر أيام المرحلة الابتدائية وأيام الطفولة والبراءة في مسقط رأسي (الطائف )عندما كنا نذهب مبكرين الى المدرسة ..قبل ان تشرق الشمس مع نسمات الجو العليل وأصوات العصافير المغردة التي تتخذ من غصون الاشجار المتمايلة أماكن عالية لها .. لتشدو مع بعضها فرحا وابتهاجا بقدوم الاطفال المنتشين بها .. كنا نحمل حقائبنا الصغيرة ونحمل الآمال الكبيرة ونحن متفائلون بمستقبل مشرق وعظيم .. ولا زلت اتذكر صوت القارئ الشيخ عبد الباسط لدى (المنجد) الذي يقوم بتلبيس المساند والطراريح منذ السادسة صباحا وهو يستمع الى القرآن الكريم بصوت شجي وجميل كان يتهادى بعذوبة ورقة في الطرقات ليسمعه كل من يمر في شارع 25 في حي الشهداء الشعبي الذي تكثر فيه الدكاكين والطلعات والنزلات والاشجار الكثيفة العالية .. كنا نتسابق الى الحضور المبكر الى المدرسة قبل الآخرين لنلعب في فناء المدرسة ونصعد الى الفصل الدراسي قبل قدوم المدرسين لنقوم بالشخمطة والرسم والكتابة على السبورة بالطباشير .. كنا نرسم فيلا ضخمة .. وزرافة طويلة .. وأرنبا صغيرا ..وأشجارا وشمسا وأنهارا .. وكنا نرسم المدرس والفراش والمدير.. وكنا نكتب بالطباشير الأبيض والأصفر والأحمر، ما نريد من عبارات تهكمية بريئة على المدرس احيانا و على زملائنا احيانا فيحضرون الى الفصل ليتفاجأوا بالعبارات المكتوبة عليهم بلغة طفولية ساخرة مع ما فيها من اخطاء املائية مضحكة وكانت الكلمة الواحدة تأخذ حيزا كبيرا من السبورة لاننا لم نتعلم الكتابة سوى في تلك الايام الجميلة التي لا تنسى .. ولا زلت اذكر تلك الايام الطفولية البريئة كلما سمعت اغنية ( الا ليت الزمن يرجع ورا ولا الليالي تعود ) وازعم ان كتابتنا الطفولية في ذلك الوقت كانت افضل من بعض الكتابات الصحفية الحالية التي تمتلئ بعبارات الشتم والقذع والإسفاف .. و لا تذهب بعيدا عن التطبيل الممل والتافه والممجوج .. وسلامتكم . [email protected]