بدأ أمس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أعماله في جنيف التي تستمر حتى السابع والعشرين من مارس الجاري ويرأس وفد المملكة العربية السعودية إلى المؤتمر معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان. وألقى الدكتور العيبان كلمة المملكة خلال الإجتماع نوه فيها بالدور الرائد والذي قام ويقوم به السيد مارتن موابي منذ تولية رئاسة المجلس ومعرباٍ عن التقدير للجهود التي تبذلها المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة نافاينثيم بيلاري ونؤكد دعم المملكة العربية السعودية لتلك الجهود. وقال معاليه إن المملكة ناقشت قبل أسابيع تقريرها الدوري الشامل أمام الفريق المعني باستعراض تقارير الدول حيث كان حوارا إيجابيا ومفيدا أكدت المملكة خلاله سياستها الهادفة إلى تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. وأضاف يقول لقد اختارت المملكة الحوار أسلوبا ومنهجا حيث تم إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي وفر البيئة الملائمة للتفاعل بين فئات المجتمع وأسهم في نشر حقوق الإنسان ثقافة وممارسة ومعالجة القضايا الوطنية ووسع قاعدة المشاركة وحرية التعبير في إطار منظومة متكاملة من احترام الآخرين بكل أطيافه وثقافاته ومعتقداته وتمشيا مع هذا النهج دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود لاجتماع ضم علماء ومفكرين مسلمين في مكةالمكرمة أكدوا فيه على سماحة الإسلام وأنه دين الاعتدال والوسطية والرحمة ودعوا إلى مد جسور الحوار والتعاون البناء بين الشعوب كما دعا خادم الحرمين الشريفين إلى المؤتمر العالمي للحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات في مدريد ضم علماء ومفكرين من أتباع الديانات والثقافات المختلفة صدر عنه إعلان مدريد الذي أكد على " وحدة البشرية واحترام كرامة البشر والاهتمام بحقوق الإنسان وحذر من خطورة الحملات التي تسعى إلى تعميق الخلاف وتقويض السلم والتعايش ". وأردف معالي الدكتور العييان يقول إنه في ضوء النتائج الايجابية التي حققها مؤتمر مدريد عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين في نوفمبر الماضي اجتماعا ضم عددا كبيرا من زعماء العالم، أعلن خلاله الأمين العام للأمم المتحدة أن " الدول المشاركة نبهت على ضرورة تطوير الحوار والتفاهم والتسامح بين الشعوب كما هو الحال بالنسبة لاحترام أديانهم وعاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم المتنوعة ". كما أكد الأمين العام على أن مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز جاءت في وقت مناسب لحاجة المجتمع البشري الماسة إلى الحوار الديني وحوار الثقافات والحضارات. وأوضح أن سياسة المملكة تهدف إلى تعزيز مبادئ العدل والمساواة وفي هذا الإطار شهدت المملكة خلال العشر سنوات الماضية إصلاحات وتطورات نوعية شملت تطويراً في الأنظمة الأساسية وإصدار عشرات الأنظمة الأخرى منها نظام القضاء ونظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات ونظام المحاماة وإنشاء العديد من المؤسسات والهيئات مثل هيئة حقوق الإنسان واعتماد إستراتيجية وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد واستمراراً لعملية الإصلاح والتطوير صدرت قبل أسابيع عدد من الأوامر الملكية بإعادة تشكيل مفاصل مهمة في جسد الدولة كالقضاء والتعليم والصحة والشورى وغيرها كما تم تعيين إمرأة نائباً لوزير التربية والتعليم في إطار اعتماد دور أكبر للمرأة السعودية ولتعزيز مشاركتها في المسيرة التنموية الشاملة وخلال الشهر الماضي أقر مجلس الوزراء عدداً من الإجراءات التنفيذية لزيادة الطاقة الاستيعابية للتدريب التقني والمهني وتوسيع مجالات عمل المرأة وتكثيفها كما ونوعاً. وأكد معاليه أن المملكة قد أدانت الإرهاب بكل صوره وأشكاله وحققت التجربة السعودية نجاحات ملموسة في مناهجه ومعالجة الفكر المتطرف من خلال تبني برامج فكرية وحوارية كبرنامج مناصحة الموقوفين أمنياً وإعادة تأهيلهم داخل المجتمع والذي حظي بإشادة عالمية وتمت الاستفادة منه في عدد من الدول. وقال " إن المملكة انضمت إلى معظم الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب مع قناعة المملكة بأن مواجهة التطرف والإرهاب تتطلب تعاوناً دولياً لمعالجة جذوره ومسبباته ومن هذا المنبر أود التأكيد على أنه بالرغم من أن المملكة كانت ضحية للإرهاب إلا أن ما قامت به لحماية أمنها لم يؤثر على حقوق الناس وتطبيق العدالة حيث كانت كافة الإجراءات المتخذة في إطار الأنظمة المعمول بها ". وأفاد معاليه أنه بعد انعقاد المؤتمر العالمي لمحاربة العنصرية والتمييز العنصري في ديربن في جنوب أفريقيا عام 2001م قامت المملكة بسن تشريعات تحظر تشكيل منظمات لها صفة عنصرية أو تؤيد التمييز العنصري أو تنشره أو تروج أفكاراً على أساسه كما أنها تجرم من يقوم بتمويل أنشطة عنصرية أو إصدار نشرات أو مواد تحرض على الكراهية ولقناعتها بالأهداف السامية لهذا المؤتمر. وأعلن معاليه أن المملكة العربية السعودية قد أبلغت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بمساهمتها بمبلغ مائة وخمسين ألف دولار أمريكي لصالح أعمال وأهداف مؤتمر ديربن الثاني الذي سيعقد في جنيف خلال شهر إبريل القادم. وقال الدكتور بندر العيبان " لقد تابعنا بقلق في الآونة الأخيرة ما قامت به بعض الوسائل الإعلامية المتطرفة من ازدراء لمعتقدات وأديان الشعوب الأخرى وخاصة الإسلام ورموزها كالنبي محمد صلى الله عليه وسلم والنبي عيسى عليه السلام ونحن نتطلع إلى تعاون دولي لمواجهة هذه الممارسات العنصرية ". وتحدث معاليه عما تعرض له الشعب الفلسطيني في غزه من عدوان شرس شنته إسرائيل على أطفال ونساء وسكان عزل خلف آلاف القتلى والجرحى دفع بالمنطقة إلى الابتعاد عن هدف السلام العادل والآمن الذي لن يتحقق إلا بالاستجابة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني التي أقرتها قرارات الشرعية الدولية. وأفاد أنه استمراراً لسياسة المملكة العربية السعودية في رفع الظلم وتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني أعلن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله عن تقديم مساهمة من المملكة لإعادة إعمار غزه بمبلغ بليون دولار. وقال معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان إن التنمية البشرية والازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي ركائز مهمة في بناء المجتمعات وتعزيز حقوقها وحرصاً من المملكة على دعم هذا التوجه فقد قدمت المملكة ما يقارب أربعة بالمائة من ناتجها المحلي على مدى الثلاثة عقود الماضية مساعدات خارجية للدول النامية والمنظمات الدولية لدعم الحقوق الإنسانية لهذه الشعوب وتبرعت بمبلغ خمسمائة مليون دولار لصندوق الغذاء الذي أنشأه الأمين العام للأمم المتحدة خلال أزمة الغذاء العالمي وتبرعها بمبلغ بليون دولار لصندوق معالجة مشكلات الفقر للبنك الإسلامي للتنمية وغير ذلك من جوانب الدعم. وأكد معاليه أن حقوق الإنسان والإصلاحات المستمرة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله في المملكة هي نتاج وطني خالص يسير وفق منهج إسلامي أصيل مستمد من القرآن الكريم والسنة المطهرة ومنسجم مع مفاهيم حقوق الإنسان العالمية. كما أكد مواقف المملكة العربية السعودية الداعمة لمجلس حقوق الإنسان وما يمكن أن يقوم به من تحقيق تعاون مثمر بين الدول مبني على العلاقات الودية واحترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب كما تدعو إليه المادة الأولى من ميثاق الأممالمتحدة التي تتفق مع الرؤية الإسلامية للعلاقات الإنسانية المبنية على أساس التعارف والتعاون على البر والتقوى كما جاء في القرآن الكريم " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ".