بداية لماذا التكويش الوظيفي يُسهم في البطالة؟ سؤال مهم جداً ويجب النظر اليه بكل دقة وموضوعية فالتكويش الوظيفي يعني الجمع بين وظيفتين في نفس الوقت وهل بات التكويش الوظيفي او الجمع بين اكثر من وظيفة في الوقت نفسه امراً واقعاً؟ وهل من الممكن القضاء على هذه الظاهرة التي اصبحت في تشخيص اساتذة للادارة من اخطر امراض الجهاز الاداري؟ هذه هي التساؤلات المطروحة الآن نتيجة الانفلات في اتباع نموذج الجمع بين وظيفتين او اكثر من اجل زيادة الدخل حتى ولو كان ذلك له تأثيراته السلبية على اداء الموظف الذي يجمع بين وظيفتين في وظيفته الاولى الاساسية والثانية ايضاً. لذلك يحتاج الجهاز الاداري في اي وزارة من الوزارات وخاصة ادارة المساجد بوزارة الاوقاف الى الالتزام بانظمة الخدمة المدنية التي حددت اساساً عمل وواصات الموظف. فواجب الموظف الاول حسب نظام الخدمة المدنية - هو ان يقوم بالعمل المسند اليه على الوجه الاكمل ويترتب على ذلك انه يجب عليه ان يوقم بتأدية العمل بثقة وامانة وان يخصص وقتا للعمل لاداء واجبات وظيفته (م 11 من نظام الخدمة المدنية). ولتأكيد روح المادة السابقة جاءت المواد (12، 13، 14) من نظام الخدمة المدنية لتؤكد انه يحظر على الموظف الاستغلال بالتجارة بطريقة مباشرة او غير مباشرة كما يحظر عليه الاشتراك في تأسيس الشركات او قبول عضوية مجالس ادارتها او القيام باي عمل فيها او في محل تحاري الا اذا كان مندوباً من قبل الدولة. ثم تأتي الفقرة (2) من المادة (14) لنظام الخدمة المدنية حول موضوع الجمع بين وظيفتين او اكثر اذ نص الا يجوز للموظف الجمع بين وظيفته وممارسة وظيفة اخرى. هذا من الناحية النظامية او القانونية لمنع الموظف الجمع بين وظيفتين اما من ناحية العمل والابحاث فهذا شيء آخر اسوأ بكثير من المخالفة القانونية فلا احد ممن يبحثون في دائرة التكويش الوظيفي من اجل زيادة الدخل فقط دون ان يعمل وبالتالي تصبح الخدمة ضائعة ومفقودة واكبر دليل على ذلك ائمة ومؤذنون المساجد المكلفون بمكافآت وما صدر من ادارة المساجد بحق الغالبية منهم بالاستغناء عنهم - وما خفي أعظم - فلا اهتمام بالمساجد ، ولا اهتمام باوقات الصلاة ولا اهتمام بالموضوع الذي أسند اليهم. لذلك يجمع خبراء واساتذة الادارة العامة بان الحمع بين وظيفتين او اكثر (التكويش الوظيفي) يعتبر من اخطر امراض الجهاز الاداري لانه يشغل الموظف عن تأدية وظيفته الاساسية التي قد تكون في التدرس او المحكمة او البنك او خفر السواحل وغيرها من الاجهزة الادارية والمؤسسات الخاصة. فعلى المستوى العملي هناك اجماع على الشكوى من الاثار السلبية الذي تفشى في جسم الجهاز الاداري في صورة الجمع الوظيفي لنرى التجسيد الكامل لازمة هذا الاسلوب الوظيفي من اجل الحصول على المكافأة فقط بغض النظر عن تأثيراته السلبية في الاداء الرشيد والجودة فيه سواءً ذلك في الوظيفة الاساسية او في الوظيفة الثانية. لكن الانصاف يقتضي الاعتراف بان ادارة المساجد اعترفت بالتأثيرات السلبية لهذا الاسلوب حيث فصلت المئات من الائمة والمؤذنين غير الملتزمين بالتكليف لانهم خالفوا القاعدة التي تنص : (الملتزم عبر التزامه). لذلك نقول ان القضية تحتاج الى عمل غير تقليدي لادارة المساجد بغية الابتعاد عن المساهمة في البطالة وهو وضع كادر خاص بالائمة والمؤذنين باستقطاب خريجي كليات الشريعة واقسام الدراسات الاسلامية - كما تعمل وزارة العدل - حيث يتم اعدادهم وتدريبهم وتسند اليهم الوظيفة كغيرهم من موظفي الدولة حسب نظام الموظفين العام وبذلك تساهم ادارة المساجد في الحد من مساهمة دائرة التكويش الوظيفي واصحابها وارسال مؤشرات اليهم بتشغيل الحرمين. وأخيراً اقول بكل امانة وثدق ان مثل هذه التوجه الاداري التنموي من قبل ادارة المساجد سيقود الى نهج جديد في التعين بدلا من التكليف والمساهمة في عدم اشغال الموظف عن وظيفته الاساسية مؤكدين مفهوم الوظيفة لمن ليس لديه وظيفة وليست مصممة للموظف الذي يشغل وظيفة اساسية وثابتة في ضوء نصوص نظام الخدمة المدنية والالتزام بها التزاما كاملا في خلق البيئة الادارية الناجحة.