التكويش الوظيفي يعني الجمع بين وظيفتين أو ثلاثة في نفس الوقت هل بات التكويش الوظيفي أو الجمع بين أكثر من وظيفة في الوقت نفسه واقعاً؟ وهل من الممكن القضاء على هذه الظاهرة التي أصبحت في تشخيص أساتذة الادارة من أخطر أمراض الجهاز الاداري. هذا هو التساؤل المطروح الآن، نتيجة الانفلات في اتباع نموذج الجمع بين وظيفتين أو أكثر من أجل زيادة الدخل حتى ولو كان ذلك له تأثيراته السلبية على أداء الموظف الذي يجمع بين وظيفتين في وظيفته الاولى الاساسية والثانية ايضاً. يحتاج الجهاز الاداري في أي وزارة من الوزارات وخاصة ادارة المساجد بوزارة الأوقاف الى الالتزام بأنظمة الخدمة المدنية التي حددت اساساً مفهوم عمل وواجبات الموظف. فواجب الموظف الاول هو ان يقوم بالعمل المسند اليه على الوجه الاكمل، ويترتب على ذلك انه يجب عليه أن يقوم بتأدية العمل بدقة وامانة، وان يخصص وقت العمل لاداء واجبات وظيفته (م 11 من نظام الخدمة المدنية). ولتأكيد روح المادة السابقة جاءت المواد (12، 13، 14) من نظام الخدمة المدنية لتؤكد أنه يحظر على الموظف الاشتغال بالتجارة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كما يحظر عليه الاشتراك في تأسيس الشركات او قبول عضوية مجالس ادارتها او القيام بأي عمل فيها أو في محل تجاري، الا اذا كان مبتعثاً من قبل الدولة. ثم تأتي الفقرة (2) من المادة (14) لنظام الخدمة المدنية حول موضوع الجمع بين وظيفتين او اكثر اذ تنص (لا يجوز للموظف الجمع بين وظيفته وممارسة وظيفة اخرى). هذا من الناحية النظامية او القانونية لمنع الموظف الجمع بين وظيفتين اما من ناحية العمل والابحاث فهذا شيء آخر اسوأ بكثير من المخالفة القانونية فلا اجد ممن يدورون في دائرة التكويش الوظيفي من اجل زيادة الدخل فقط فلا احد منهم يريد ان يعمل والخدمة ضائعة ومفقودة وأكبر دليل على ذلك ائمة المساجد المكلفون بمكافآت وما صدر أخيراً بحق الغالبية منهم بالاستغناء عنهم فلا اهتمام بالمساجد، ولا اهتمام باوقات الصلاة ولا اهتمام بالموضوع الذي اسند اليهم. لذلك نجمع خبراء واساتذة الادارة العامة بأن الجمع بين وظيفتين أو أكثر (التكويش الوظيفي) يعتبر من أخطر أمراض الجهاز الاداري لانه يشغل الموظف عن تأدية وظيفته الاساسية التي قد تكون في التدريس أو المحكمة أو البنك أو خفر السواحل وغيرها من الأجهزة الادارية والمؤسسات الخاصة. فعلى المستوى العملي هناك اجماع على الشكوى من الآثار السلبية لهذا المرض الاداري الذي تفشى في جسم الجهاز الاداري في صورة الجمع الوظيفي لنرى التجسيد الكامل لأزمة هذا الاسلوب الوظيفي السيء من اجل الحصول على المكافأة فقط بغض النظر عن تأثيرات هذا الاسلوب السلبي في الاداء الرشيد والجودة فيه في الوظيفة الاساسية وكذلك في الوظيفة الثانية. لكن الانصاف يقتضي الاعتراف بأن ادارة المساجد اعترفت بالتأثيرات السلبية لهذا الاسلوب حيث تم فصل المئات من الائمة غير الملتزمين بالتكليف لانهم خالفوا القاعدة التي تقول : (الملتزم عبد التزامه). لذلك نقول ان القضية تحتاج الى عمل غير تقليدي لادارة المساجد وهو وضع كادر خاص بالائمة واستقطاب خريجي كليات الشريعة واقسام الدراسات الاسلامية حيث يتم اعدادهم وتدريبهم وتسند اليهم الوظيفة كغيرهم من موظفي الدولة، وبذلك تساهم ادارة المساجد في الحد من البطالة بتشغيل هؤلاء الخريجين. وأخيراً أقول بكل أمانة وصدق انه لا يمكن اتباع اسلوب التكويش الوظيفي للخدمة في مجالين من أجل زيادة الدخل فقط، بل انه يجب ترك الوظائف الخالية في الأجهزة الادارية وخاصة ادارة المساجد لخريجي كليات الشريعة والدراسات الاسلامية من اجل الحد من تداعيات البطالة بين الشباب المتخرجين. ان مثل هذا التوجه الاداري التنموي من قبل ادارة المساجد سيقود الى نهج جديد في التعيين بدلاً من التكليف والمساهمة في اشغال الموظف عن وظيفته الأساسية مؤكدين مفهوم الوظيفة لمن ليس لديه وظيفة وليست مصممة للموظف الذي يشغل وظيفة أساسية وثابتة في ضوء نصوص نظام الخدمة المدنية والالتزام بها التزاماً كاملاً في خلق البيئة الادارية الناجحة.