إذا أخذنا بمقياس عدد السكان والرؤوس النووية الاستراتيجية وحجم الإسهام فى تجارة السلاح العالمية فإن الصين تعتبر قوة عظمي! ولكن بمقياس حجم ونوعية الإنتاج فى مجالات الإلكترونيات الدقيقة والتكنولوجيا الحيوية والملاحة المدنية والاتصالات السلكية واللاسلكية والبرمجيات الكمبيوترية فإن الصين لا تندرج - عالميا - ضمن الخمس دول الأوائل فى هذه المجالات... بل إنها تتراجع كثيرا إذا تم القياس بعيدا عن الإنتاج واعتمادا على قدرة إصدار براءات اختراع مهمة. ومع ذلك فإن الصينيين يرفضون هذه المقاييس أو تلك ويعتبرون أنفسهم قوة عظمى استنادا إلى مقياس خاص بهم يدور حول مسمى «التحدى المركزى لمواجهة متغيرات السياسة الخارجية» وعلى ضوء هذا المقياس تجرى المراجعة الدورية لمدى القدرة على التزايد بمعدلات «الحداثة» التى بدأ الأخذ بها منذ سنوات، والتى ارتكزت على تطبيع العلاقات بالكامل مع كل دول العالم والعمل على الاستفادة والتمتع بأفضل ما فى النموذج الاشتراكى من منظور التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية وتحت مظلة من السلوك الملزم بالثلاثية المقدسة التى تشمل «سيادة الدولة ومكانة الدولة وأمن الدولة». كان الصينيون صرحاء مع أنفسهم حول ضرورة الاعتراف بأن انتهاء الحرب الباردة قد أدى تلقائيا إلى تهميش الدور والقيمة الاستراتيجية للصين فى الشئون العالمية، ومن ثم ينبغى البحث عن دور جديد يبقى على الصين، كرقم فاعل فى المعادلة الدولية من خلال إعلاء دور قوتها العسكرية فى منطقة شرق آسيا ذات الأهمية الاستراتيجية للولايات المتحدةالأمريكية التى تمارس مع الصين فى هذه المنطقة الحيوية من العالم لعبة القط والفأر من خلال تبريد وتسخين الأزمات بين كوريا الجنوبية واليابان الدائرتين فى الفلك الأمريكى من ناحية وبين كوريا الشمالية الحليف الأكبر والأوحد للصين من ناحية أخرى حيث يجرى التبريد والتسخين تارة بالتهديدات والمناورات العسكرية وتارة أخرى بالضغوط الاقتصادية والحملات الإعلامية التى تعرف الصين - حتى الآن - كيف تتعامل معها!.