لاشك أن الاعتداءات الوحشية على أهلنا في غزة أدمت قلوبنا وأبكت أعيننا وآلمت أجسادنا نسأل الله لهم العزة والنصر والفرج .لكن أخوتنا في غزة لم ينجحوا فقط في الصمود والتصدي أمام العدوان الصهيوني الظالم إنما المتأمل المتبصر في هذه الأزمة يرى إضاءات وإشراقات ظهرت من بين أنقاض العدوان . من هذه الإشراقات الكشف الواضح لحقوق الإنسان العربي المسلم فقد أزال العالم اللثام عن الحقيقة الواضحة والكذبة المسماة ديمقراطية لتكون بحق ديمخراطية . وأغمض زعماء الغرب أعينهم عن حمام الدماء الذي سال في غزة واختفت كل صيحات وقوانين حقوق الإنسان التي تدعو وتبشر بالعدل والمساواة والحرية والكرامة للإنسان لكنها عند حدود غزة لم تعد حتى تنادي بحياة الإنسان والأطفال وكبار السن بل وحتى غفلت عن تشويه الإنسان بعد موته واصبح عقوق الانسان العربي المسلم واضحا للعيان. ان هذه الازمة كشفت لنا بوضوح أن حقوق الإنسان والديمقراطية هي خرطي في خرطي ولا أظن بأن أحدا بعد اليوم سيصغي ويؤمن بدعوات الغرب وصيحاته لهذه الديمقراطية وبحقوق الإنسان. ان المتامل في التاريخ الاسلامي سيدرك فعلا ماذا تعني كلمة حقوق الإنسان في ديننا وكيف كان المسلمون يعاملون الإنسان ويحفظون له حقوقه عندما كانوا في أوج قوتهم ومجدهم عندما كانوا قادة العالم . فرسولنا الذي أرسل رحمة للعالمين مر وأصحابه في احد الغزوات على امرأة مقتولة فوقف أمامها ثم قال: «ما كانت هذه لتقاتل!» ثم نظر في وجه أصحابه وقال لأحدهم: «الحق بخالد ابن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا ولا امرأة»، وأوصى الرسول جيشه في غزوة مؤتة وهو يتأهب للرحيل: «لا تقتلن امرأة ولا صغيرا ضرعا (أي ضعيفا)، ولا كبيرا فانيا، ولا تحرقن نخلا، ولا تقلعن شجرا ولا تهدموا بيتا». هذا هو ديننا ومبادئنا حتى الشجر له احترامه عندنا في الحروب في الوقت الذي شاهدنا ان نصف القتلى في غزة كانو من الاطفال ولم تسلم مدرسة ولامسجدا ولاحتى مقبرة فضلا عن الاشجار . وصلاح الدين الأيوبي عندما نصره الله على الصليبين ودان له بيت المقدس وصار تحت سيطرته بكل من يعج بهم من الصليبين لم يفكر في الانتقام ولم يفكر في الإذلال لكن اعطى الامان لاكثر من مائة ألف صليبي على أنفسهم وأموالهم وسمح لهم بالخروج مقابل مبلغ يسير يدفعه المفتدرون وأقبل نساء الصليبيين وقد امتلأت عيونهن بالدموع فسألن صلاح الدين أين يكون مصيرهن بعد أن لقي أزواجهن أو آباؤهن مصرعهم ، أو وقعوا في الأسر ، فأجاب صلاح الدين بأن وعد بإطلاق سراح كل من في الأسر من أزواجهن ، وبذل للأرامل واليتامى من خزانته العطايا - كل بحسب حالته . وفي المقابل فان الزعماء والقادة اليهود اسالو الدماء من قلوب وعيون الامهات والاطفال دون رحمة ولاانسانية. ولاينسى التاريخ السلطان العثماني محمد الفاتح في القسطنطينية عندما دخل كنيسة أيا صوفيا التى لجا إليها رجال الكنيسة و اعتصموا بها فقابلهم مؤ كدا حمايته لهم وطلب من النصارى من أهل المدينة الذين فزعوا منها العودة إلى منازلهم امنين , ثم أمر بجمع كل اثأر القديسين التى نهبت يوم الفتح وسلمها الى الكنائس والأديرة وترك لهم الحرية فى أتباع كنائسهم و قوانينهم المالية وتقاليدهم المتعلقة بأحوالهم الشخصية وكل ما يتعلق بحرياتهم الدينية . قارنو بين هذه الرحمة و الانسانية العسكرية وبين ماشاهدناه في غزة ومن قبل ذلك ماسمعناه ورايناه في سجون ابوغريب ومعتقل غوانتامو . هذه الدرر والمبادئ والوقائع والشواهد ننقلها ونرسلها لقادة الحرب في اسرائيل ولقادة العالم في مجلس الخوف عفوا الامن ولهيئة الاممالمتحدة لعلهم يدركون الفارق الكبير في ثقافة الحروب عند المسلمين عندما كانوا قادة الامم واسياد العالم وبين مايحدث اليوم في عصر الحضارة والتقدم والتطور والديمقراطية الغربية . 3903 جدة - 22246 – 6624