كان عمرو بن الحارث السلمي من سادة قومه ومن بيوت العز والشرف في الجاهلية ، وكان يأخذ بيديّ ابنيه معاوية وصخر وينادي بأعلى صوته أنا أبو خيري مضر فمن أنكر فليقل ! وكانت تُقرّ له العرب بذلك فلا يقول في قوله احد، والاستشهاد من ذلك هو انه قد خرج من هذا البيت الشاعرة تماضر بنت عمرو (الخنساء) التي يكفيها شرفاً وفخراً قول الرسول صلى الله عليه وسلم (هيه ياخُناس) وهي تنشده الشعر، وحكم لها أشعر العرب النابغة الذبياني في عكاظ بإنها أشعر شعراء الموسم بعد الأعشى ، وجادلت حسان بن ثابت في بيته الشهير حتى افحمته . أما المرأة الشاعرة في زماننا الحاضر فهناك من يُنكر عليها قول الشعر ويَعيب على ظهورها في الإعلام ، وكأن الشعر عند العرب كان حكراً على الرجال ، وكم من شاعرةٍ موهوبة منعها من الخروج أخوين حتماً ليسا كصخرٍ ومعاوية اخوي الخنساء ، والحجة لدى كثيرٍ منهم هو (العيب) الذي اصبح مرادفاً للحرام في كثيرٍ من المواقف ، وهو مالا كان عيباً عند العرب الأوائل ولم يُنكره الرسول صلى الله عليه وسلم في الإسلام ، فلا الإخوةُ من سادة العرب ولا المكان جمعُ عُكاظ ، ورغم ندرة الاسماء الشعرية النسائية فقد تجد بعض الشاعرات تتغلب على كثير من الرجال في جودة الشعر وحبكته وليس هناك حرجاً عند (العائبون) بذلك سوى أنها (أنثى ) فقد اصبح نظرة البعض للموقف لا (للقاف) ، وبما أن الشيء بالشيء يُذكر فإني اشعر احيانا برغبة عارمة في التحليق والطيران في سماء الشعر والدندنة على ماتطرب له النفس من جيّد الشعر ، فقد قالت الشاعرة عيدة الجهني : تعبت اغنّيك ورد واجني اشواكي وانزفك لوعه على رقصة خلاخيلك واطرب بك اللي مريح القلب متباكي مايوم جرحه وطيت أقصاه في خيلك ياسيدي والليالي تتعب الحاكي يبطي سنا فجرها لا يسحبه ذيلك