دعت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي بمناسبة شهر رمضان المبارك المسلمين إلى الاستفادة من دروس الصيام وعبره وفوائده، والتأسي برسول الله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الشهر العظيم، والتمسك بنهجه القويم، والاعتصام بحبل الله المتين والاحتكام إلى شريعته ، وبيان محاسنها للناس ، والدفاع عن مبادئ الإسلام . جاء ذلك خلال كلمة لمعالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبدالله بن عبد المحسن التركي، وجهها للمسلمين، قال فيها : " قد أظل الأمة الإسلامية شهر عظيم مبارك، فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، تستقبله أفئدة المؤمنين الصادقين بالبشرى والأمل، والعزم على أداء فريضة الله فيه على الكمال والتمام، مع اغتنام فضائله بالمسارعة إلى البر والتقوى، والكف عما يسخط الله تعالى"، داعياً الأمة الإسلامية ، إلى تذكر نعمة الله العظمى عليها في رمضان، إذ أنزل فيه كتابه الكريم ليكون آية للناس، وهدى ونوراً ، وصراطاً مستقيماً إلى يوم الدين. وبين الدكتور التركي أن من شكر هذه النعمة العظيمة العمل الجاد على تحقيق مقاصد الصيام ، الذي افترضه الله على المسلمين في هذا الشهر المبارك ، وترويض النفوس على تقوى الله ، ونشر مشاعر الأخوة ورابطة الانتماء للدين الذي ارتضاه الله لعباده ، بين مختلف أبناء الأمة ، وتقوية التعاطف والتآلف والتعاون بينهم، والعمل الجاد للعودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وتحكيمهما في مختلف القضايا . وتابع معاليه قائلاً : " إن وحدة المسلمين تبرز واضحة في شهر رمضان فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يمسكون مع كل فجر ، ويفطرون عند الغروب ، ويعكفون على عبادتهم ليلاً ونهاراً ، ويجددون ارتباطهم بالقرآن الكريم ، وهو كتاب هذه الأمة ودستورها الذي أمر الله فيه المسلمين بالاعتصام به محققين بذلك وحدتهم : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " وتضامنهم وتعاونهم على الخيرات والمبرات : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) وهذا ما أكد عليه مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائي الرابع الذي عقد برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود في شهر رمضان عام 1433ه بمكةالمكرمة . وأضاف معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي قائلاً : رمضان فرصةً لتزكية النفس والإقبال على الله تعالى ، بأنواع العبادات ، والعطف على المسكين واليتيم والأرملة وذي الحاجة ، تأسياً بنبي الأمة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حيث كان أجود ما يكون بالخير في هذا الشهر الكريم ، وأجود من الريح المرسلة ، فإن على المسلمين أن يجعلوا شهرهم كله للخيرات والمبرات والعطف على المسكين ، وإغاثة الملهوفين ، وتقديم العون للمحتاجين ، وإغاثة المنكوبين ، وتحقيق التراحم بين فئات المجتمع المسلم انطلاقاً من قول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه : " مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر " . وأكد معاليه أن رمضان مناسبة لتذكر ما كان فيها من العزة والنصر ، كيوم بدر وفتح مكة ، وهو فرصة لاستدراك الأخطاء ، التي جرّت إلى كثير من الحوادث المؤلمة المسيئة إلى الأمة وسمعتها ومكانتها ، وهو فرصة إلى التذكير بضرورة المحافظة على الدين ، والقيام على تعليمه تعليماً صحيحاً وفق نهج سلف الأمة الصالح ، سليماً من كل شائبة تفتح أبواب الشذوذ ، أو تكون ثغرة للطعن فيه من أعدائه ، بالإضافة إلى بذل الجهود في تعريف غير المسلمين بمحاسن الإسلام ، وحاجة البشرية إلى مبادئه في العدل والسلام والتعاون بين الناس ، وتعريفهم برسول الرحمة ، محمد صلوات الله وسلامه عليه ، الذي بعث رحمة للناس جميعاً : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) . وأعرب الدكتور التركي باسم رابطة العالم الإسلامي بمناسبة قدوم شهر رمضان عن الألم الشديد الذي يعتصر قلوب المسلمين في العالم لما يجري في عدد من بلدان المسلمين من صراعات حزبية أوطائفية ، وما يجري من إراقة للدماء المستمر في سورية التي يعاني شعبها من مظالم وعدوان وقتل وهدم للأحياء والمساجد وترويع الآمنين ، وهي تدعو المسلمين إلى حل لهذه الأزمة وحقن الدماء ، وردع الظلمة من الاستمرار في العدوان على شعب سورية ومسلمي الروهينجا وسريلانكا ، وإفريقيا الوسطى وسائر المسلمين المضطهدين في العالم وتعزيز الحوار بين العالم الإسلامي وسائر الثقافات والحضارات . ورفع معالي الدكتور التركي بمناسبة قرب حلول شهر الصيام التهنئة لخادم الحرمين الشريفين، ولسمو ولي عهده الأمين، ولسمو ولي ولي العهد، ولقادة المسلمين وشعوبهم، سائلاً الله أن يعين الجميع على صيام رمضان وقيامه ، وأن يبارك فيه للأمة الإسلامية ، وأن يصلح أحوالها ، إنه سميع مجيب .