"لم أكن أتصوّر أن الباحة بهذا الجمال الفريد , ولم أتوقّع أن في بلادنا مثل هذه الأجواء البديعة , ولو كنت أعرفها من قبل لما سافرت للسّياحة في الخارج" ! هذا ما قاله أحد القادمين للاصطياف بمنطقة الباحة , بعد أن طفحت السّعادة على وجهه الذي اغتسل بزخّات المطر الصّيفي , وزاد سروره والنّسيم يداعبه وهو يعيش أجمل الأوقات في واحدة من أهم مناطق الاصطياف بالمملكة. يتحدثّ بنشوة وفرح غامر عن الجمال الرّباني الذي تميّزت به المنطقة .. حيث الطبيعة الساحرة والمناظر الآسرة والأجواء البديعة . يتأمّل النباتات التي تكسو الأرض فتحيلها إلى لوحة موشّاة بالورود الفوّاحة والزّهور العبقة ذات الألوان الزّاهية والأشكال المتعدّدة تهتز مع كل نسمة هواء تهبّ لتنتشي مع حفيف الأشجار وتغريد الأطيار فتتمايل شوقا وطربا . ويزيد ابتهاجه وهو يقف بجانب الجداول الرّقراقة والشّلالات المنسابة التي تحرك المشاعر مع شدو البلابل التي تتغنّى كذلك بالجمال فتتراقص من حولها الفراشات الملوّنة بين الأفنان . جمال أخّاذ وأجواء ممتعة تشعر المقيم والزائر والمصطاف بكثير من الابتهاج والسرور , فأينما يمّم وجهه سعد بما يراه وأينما كانت وجهته وجد بغيته !! وقد لا يغيب عن قارئنا الكريم بأنّ منطقة الباحة تعدّ أغنى مناطق المملكة في وفرة الغطاء النّباتي وتنوّعه.والمنطقة تعدّ أسطورة للحسن وموطنا للجمال حتى أن القادم لها يعترف بأنها حديقة كبيرة مفتوحة مشمولة بكل معاني الحسن . فكل محافظة من محافظاتها العشر تتميز بعناصر جاذبة تشد إليها الأنظار من الأماكن الطبيعية والمواقع الأثرية والتاريخية والتراثية . تتناثر قراها بين القمم والسفوح تروي حكاية عشق الإنسان للطبيعة , وتجسد مدى تفوقه وهو يطوع الصخور والأحجار في عملية البناء بشكل هندسي متقن كما تكشف عن مواهب فنية في الزخرفة والنقوش واستخدام الألوان للزينة بما أضفى على تلك المباني من لمسات إبداعية غاية في الرّوعة. ولعل وقفة أمام قرية ذي عين الأثرية كأنموذج بحسنها وجمال مبانيها تظهر الحس والذوق الرفيع في اختيار المكان , وتبين مهارة البنّاء القديم المهندس والفنان في آن. والجمال يتّسع باتساع مساحة المنطقة .. ولعل الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات الرّسمية ذات العلاقة بتوجيه من سمو أمير المنطقة قد أعطت بعداً لإظهار هذه الخصوصية لمنطقة سياحية بالدرجة الأولى . كما وفقت أمانة المنطقة فيما نفّذته من أعمال جيدة بتهيئة المواقع السياحية بصورة مميّزة , مما يجعلنا نتفاءل بأن تكون بقية المواقع الأخرى في المنطقة بنفس الدّرجة التي نجحت فيها الأمانة بما قدمته لمنتزهي الأمير مشاري ورغدان الرائعين الذين يغصان بالمصطافين كشاهد على تلك الجهود الموفقة التي تستحق الشكر والثناء.